" صفحة رقم ٢٩٦ "
وحاصل ما أشار إليه الجملتان أنّ مِثْلَك من يتلقى هذه الوصية وما هي بالأمر الهيّن لكل أحد.
عطف على جملة ) وما يلقاها إلا الذين صبروا ( ( فصلت : ٣٥ )، فبعد أن أُرشد إلى ما هو عون على تحصيل هذا الخلق المأمور به وهو دفع السيئة بالتي هي أحسن، وبعد أن شرحت فائدة العمل بها بقوله :( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( ( فصلت : ٣٤ ) صُرِف العنان هنا إلى التحذير من عوائقها التي تجتمع كثرتها في حقيقة نزغ الشيطان، فأمر بأنه إن وجد في نفسه خواطر تَصْرِفه عن ذلك وتدعوه إلى دفع السيئة بمثلها فإن ذلك نزغ من الشيطان دواؤه أن تستعيذ بالله منه فقد ضمن الله له أن يعيذه إذا استعاذه لأنه أمره بذلك، والخطاب للنبيء ( ﷺ )
وفائدة هذه الاستعاذة تجديد داعية العصمة المركوزة في نفس النبي ( ﷺ ) لأن الاستعاذة بالله من الشيطان استمداد للعصمة وصقل لزكاء النفس مما قد يقترب منها من الكدرات. وهذا سر من الاتصال بين النبي ( ﷺ ) وربه وقد أشار إليه قول النبي ( ﷺ ) ( إنه لَيُغانَ على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة )، فبذلك تسلم نفسه من أن يغشَاها شيء من الكدرات ويلحق به في ذلك صالحو المؤمنين.
وفي الحديث القدسي عند الترمذي ( ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحِبَّه فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأُعطينَّه ولئن استعاذني لأعِيذَنَّه ). ثم يلتحق بذلك بقية المؤمنين على تفاوتهم كما دل عليه حديث ابن مسعود عند


الصفحة التالية
Icon