" صفحة رقم ٣٠٦ "
وتحديد هذين الاتصالين اختلفت فيه آراء المفسرين، وعلى اختلافهم فيهما جرى اختلافهم في موقعها من الإعراب وفي مواقع أجزائها من تصريح وتقدير.
فجعل صاحب ( الكشاف ) قوله :( إنَّ الذِين كَفَروا بالذِّكر ( بدلاً من قوله :( إنَّ الذين يُلحِدُونَ في آياتنا، وهو يريد أنه إبدال المفرد من المفرد بدلاً مطابقاً أو بدل اشتمال، وأنه بتكرير العامل وهو حرف إنَّ ( وإن كانت إعادة العامل مع البدل غير مشهورة إلاّ في حرف الجر كما قال الرضيّ، فكلام الزمخشري في ( المفصل ) يقتضي الإِطلاق، وإن كان أتى بمثالين عاملهما حرف جر.
وعلى هذا القول لا يقدر خبر لأن الخبر عن المبدل منه خبر عن البدل وهو قوله :( لا يَخْفَون علينا ( ( فصلت : ٤٠ ).
وعن أبي عمرو بن العلاء والكسائي وعمرو بن عبيد ما يقتضي أنهم يجعلون جملة :( إنَّ الذين كفروا بالذِكْر ( جملة مستقلة لأنهم جعلوا ل ) إن ( خبراً. فأما أبو عمرو فقال : خبر ) إن ( قوله :( أولئك ينادون من مكان بعيد ( ( فصلت : ٤٤ ).
حكي أن بلال بن أبي بردة سئل في مجلس أبي عمرو بن العلاء عن خبر ) إن ( فقال : لم أجد لها نفاذاً، فقال له أبو عمرو : إنه منك لقريب :( أولئك ينادون من مكان بعيد. وهو يقتضي جعل الجمل التي بين اسم إنَّ ( وخبرها جملاً معترضة وهي نحو سبع. وأما الكسائي وعمرو بن عبيد فقدروا خبراً لاسم ) إن ( فقال الكسائي : الخبر محذوف دل عليه قوله قبله :( أفمن يلقى في النار خير ( ( فصلت : ٤٠ )، فنقدر الخبر، يُلقون في النار، مثلاً. وسأل عيسى بنُ عمر عمرو بن عبيد عن الخبر، فقال عمرو : معناه أن الذين كفروا بالذكر كفروا به وإنه لكتاب عزيز. فقال عيسى : أجدتَ يا أبا عثمان. ويجيء على قول هؤلاء أن تكون الجملة بدلاً من جملة :( إنَّ الذين يُلْحدون في آياتِنا بدل اشتمال إن أريد بالآيات في قوله : في ءاياتنا مطلق الآيات، أو بدلاً مطابقاً إن أريد بالآيات آيات القرآن. وقيل الخبر قوله : ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ( ( فصلت : ٤٣ )، أي ما يقال لك فيهم إلا ما قد قلنا للرسل من قبلك في مكذبيهم، أو ما يقولون إلا كما قاله الأمم


الصفحة التالية
Icon