" صفحة رقم ٨٨ "
الأخذِ لأن ذلك الأخذ كان تحقيقاً لكلمات الله، أي تصديقاً لما أخبرهم به من الوعيد، فالمراد بالذين كفروا ( جميع الكافرين، فالكلام تعميم بعد تخصيص فهو تذييل لأن المراد بالأحزاب الأمم المعهودة التي ذكرت قصصها فيكون ) الذينَ كَفَروا ( أعم. وبذلك يكون التشبيه في قوله :( وكذلك حقت كلمات ربك ( جارياً على أصل التشبيه من المغايرة بين المشبه والمشبه به، وليس هو من قبيل قوله تعالى :( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ( ( البقرة : ١٤٣ ) ونظائره.
ويجوز أن يكون المراد ب ) الذين كفروا ( عين المراد بقوله آنفاً :( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ( ( غافر : ٤ ) أي مثل أخذ قوم نوح والأحزاب حقت كلمات ربك على كفار قومك، أي حقت عليهم كلمات الوعيد إذا لم يقلعوا عن كفرهم.
و ( كلمات الله ) هي أقواله التي أوحى بها إلى الرسل بوعيد المكذبين، و ) على الذين كفروا ( يتعلق ب ) حقت.
وقوله : أنهم أصحابُ النَّار ( يجوز أن يكون بدلاً من ) كلمات ربك ( بدلاً مطابقاً فيكون ضمير ) أنَّهُم ( عائد إلى ) الذين كفروا (، أي حق عليهم أن يكونوا أصحاب النار، وفي هذا إيماء إلى أن الله غير معاقب أمة الدعوة المحمدية بالاستئصال لأنه أراد أن يخرج منهم ذرية مؤمنين.
ويجوز أن يكون على تقدير لام التعليل محذوفةٍ على طريقة كثرة حذفها قبل ( أنَّ ). والمعنى : لأنهم أصحاب النار، فيكون ضمير ) أنَّهُم ( عائداً إلى جميع ما ذكر قبله من قوم نوح والأحزاب من بعدهم ومن الذين كفروا.
وقرأ الجمهور ) كلمة ربك ( بالإِفراد. وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بصيغة الجمع، والإِفراد هنا مساو للجمع لأن المراد به الجنس بقرينة أن الضمير المجرور ب ( على ) تعلق بفعل ) حَقَّت ( وهو ضمير جمع فلا جرم أن تكون الكلمة جنساً صادقاً بالمتعدد بحسب تعدد أزمان كلمات الوعيد وتعدد الأمم المتوعَّدة.


الصفحة التالية
Icon