" صفحة رقم ١٦٠ "
وثَنَايَاككِ إِنها اغْرِيضُ
وَلآللٍ تُؤْمٌ وبَرقٌ ومَيضُ
إذْ قدر الزمخشري جملة ( إنها اغريض ) جواب القسم وهو الذي تبعه عليه الطيبي والقزويني في شرحيهما ( للكشاف )، وهو ما فسر به التبريزي في شرحه لديوان أبي تمام، ولكن التفتزاني أبطل ذلك في شرح ( الكشاف ) وجعل جملة ( إنها اغريض ) استئنافاً أي اعتراضاً لبيان استحقاق ثناياها أن يُقسم بها، وجعل جواب القسم قوله بعد أبيات ثلاثة :
لَتَكَادْنَي غِمارٌ من الأحْ
داث لمْ أدْرِ أيَّهُن أخوضُ
والنكت والخصوصيات الأدبية يَكفي فيها الاحتمال المقبول فإن قوله قبله :
وارتكاضضِ الكرى بعينيككِ في الن
وم فنوناً وما بعيني غموض
يجوز أن يكون قَسَماً ثانِياً فيكون البيت جواباً له.
وإطلاق اسم الكتاب على القرآن باعتبار أن الله أنزله ليكتب وأنَّ الأمة مأمورون بكتابته وإن كان نزوله على الرّسول ( ﷺ ) لفظاً غير مكتوب. وفي هذا إشارة إلى أنه سيكتب فى المصاحف، والمراد ب ) الكتاب ( ما نَزل من القرآن قبلَ هذه السورة وقد كتَبه كتَّاب الوحي.
وضمير ) جعلناه ( عائد إلى ) الكتاب (، أي إنا جعلنا الكتاب المبينَ قرآناً والجعل : الإيجاد والتكوين، وهو يتعدّى إلى مفعول واحد.
والمعنى : أنه مقروء دون حضور كتاب فيقتضي أنه محفوظ في الصدور ولولا ذلك لما كانت فائدة للإخبار بأنه مقروء لأن كل كتاب صالح لأن يقرأ. والإخبار عن الكتاب بأنه قرآن مبالغة في كون هذا الكتاب مقروءاً، أي ميسّراً لأنْ يُقرأ لقوله :( ولقد يسّرنا القرآن للذكر ( ( القمر : ١٧ ) وقوله :( إنّ علينا جمعَه وقُرآنه ( ( القيامة : ١٧ ). وقوله :( إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون ( ( الحجر : ٩ ).
فحصل بهذا الوصف أن الكتاب المنزل على محمد ( ﷺ ) جامع لوصفين : كونِه كتاباً، وكونه مقروءاً على ألسنة الأمة. وهذا مما اختص به كتاب الإسلام.


الصفحة التالية
Icon