" صفحة رقم ١٦٢ "
لأنه قد نزل مقدار عظيم لو تدبروه لعقلوا، فهذا الخبر مستعمل في التعريض على طريقة الكناية.
عطف على جملة ) إنا جعلناه قرآناً عربياً ( ( الزخرف : ٣ )، فهو زيادة في الثناء على هذا الكتاب ثناء ثانياً للتنويه بشأنه رفعةً وإرشاداً.
و ) أمّ الكتاب ( : أصل الكتاب. والمراد ب ) أم الكتاب ( علمُ الله تعالى كما في قوله :( وعنده أمُّ الكتاب ( في سورة الرعد، لأن الأمّ بمعنى الأصل والكتاب هنا بمعنى المكتوب، أي المحقق الموثق وهذا كناية عن الحق الذي لا يقبل التغيير لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يحققوا عهداً على طول مدة كتبوه في صحيفة، قال الحارث بن حلزة :
حَذر الجَور والتطاخي وهل يَن
قُض ما في المَهارق الأهواء
و ) عليٌّ أصله المرتفع، وهو هنا مستعار لشرف الصفة وهي استعارة شائعة.
وحكيم : أصله الذي الحكمة من صفات رأيه، فهو هنا مجاز لما يحوي الحكمة بما فيه من صلاح أحوال النفوس والقوانين المقيّمة لنظام الأمة.
ومعنى كون ذلك في علم الله : أن الله عَلمه كذلك وما عَلِمه الله لا يقبل الشك. ومعناه : أن ما اشتمل عليه القرآن من المعاني هو من مراد الله وصدر عن علمه. ويجوز أيضاً أن يفيد هذا شهادة بعلوّ القرآن وحكمته على حد قولهم في اليمين : الله يعلم، وعَلِم الله.
وتأكيد الكلام ب ( إنَّ ) لردّ إنكار المخاطبين إذ كذّبوا أن يكون القرآن موحًى به من الله.
ولدينا ( ظرف مستقر هو حال من ضمير ) إِنهُ ( أو من ) أم


الصفحة التالية
Icon