" صفحة رقم ١٨٨ "
جملة معترضة لتسلية النبي ( ﷺ ) على تمسك المشركين بدين آبائهم والإشارة إلى المذكور من قولهم :( إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ ( الزخرف : ٢٢ )، أي ومثل قولِهم ذلك، قال المترفون من أهل القُرى المرسل إليهم الرسل من قبلك.
والواو للعطف أو للاعتراض وما الواو الاعتراضية في الحقيقة إلا تعطف الجملة المعترضة على الجملة التي قبلها عطفاً لفظياً.
والمقصود أن هذه شنشنة أهل الضلال من السابقين واللاحقين، قد استووا فيه كما استووا في مَثاره وهو النظر القاصر المخطىء، كما قال تعالى : أتواصوا به بل هم قومٌ طَاغُون ( ( الذاريات : ٥٣ )، أي بل هم اشتركوا في سببه الباعث عليه وهو الطغيان. ويتضمن هذا تسليةً للرّسول ( ﷺ ) على ما لقيه من قومه، بأن الرّسل من قبله لَقُوا مثل ما لَقي.
وكاف التشبيه متعلق بقوله :( قال مترفوها ). وقدم على متعلَّقه للاهتمام بهذه المشابهة والتشويق لما يرد بعْدَ اسم الإشارة.
وجملة ) إلا قال مترفوها ( في موضع الحال لأن الاستثناء هنا من أحوال مقدّرة أي ما أرسلنا إلى أهل قرية في حاللٍ من أحوالهم إلا في حال قوللٍ قاله مترفوها : إنا وجدنا آباءنا الخ.
والمترَفون : جمع المُترف وهو الذي أُعطِي الترف، أي النعمة، وتقدم في قوله تعالى :( وارجِعُوا إلى ما أُترفتم فيه في سورة الأنبياء.
والمعنى : أنهم مثل قريش في الازدهاء بالنَّعمة التي هم فيها، أي في بطر نعمة الله عليهم. فالتشبيه يقتضي أنهم مثل الأمم السالفة في سبب الازدهاء وهو ما هم


الصفحة التالية
Icon