" صفحة رقم ٢١٠ "
ولم يذكر متعلق فعل ) نقيّض ( اكتفاءً بدلالة مفعوله وهو ) شيطاناً ( فعُلم منه أنه مقيض لإضلاله، أي هُمْ أعرضوا عن القرآن لوسوسة الشيطان لهم.
وفُرع عن ) نقيض ( قوله :( فهو له قرين ( لأن التقيض كان لأجل مقارنته.
ومن الفوائد التي جرت في تفسير هذه الآية ما ذكره صاحب ( نَيل الابتهاج بتطريز الديباج ) في ترجمة الحفيد محمد بن أحمد بن محمد الشهير بابن مرزوق قال : قال صاحب الترجمة : حضرت مجلس شيخنا ابن عرفة أولَ مجلس حضرتُه فقرأ ) ومن يعش عن ذكر الرحمن ( فقال : قُرِىء ) يعشُو ( بالرفع و ) نُقيض ( بالجزم. ووجهها أبُو حيان بكلام ما فهمتُه. وذكر أن في النسخة خللاً وذكر بعض ذلك الكلام. فاهتديتُ إلى تمامه وقلت : يا سيدي معنى ما ذكرَ أن جَزم ) نُقَيضْ ( ب ) مَن ( الموصولة لشبهها بالشرطية لما تضمَّنها من معنى الشرط وإذا كانوا يعاملون الموصول الذي لا يشبه لفظ الشرط بذلك فما يشبه لفظُه لفظَ الشرط أولى بتلك المعاملة. فوافق وفَرح لما أن الإنصاف كان طبعه. وعند ذلك أنكر عليّ جماعة من أهل المجلس وطالبوني بإثبات معاملة الموصول معاملة الشرط فقلت : نصهم على دخول الفاء في خبر الموصول في نحو : الذي يأتيني فله درهم، فنازعوني في ذلك وكنت حديث عهد بحفظ التسهيل فقلت : قال ابن مالك فيما يشبه المسألة ( وقد يَجزمه مسبب عن صلة الذي تشبيهاً بجواب الشرط وأنشدت من شواهد المسألة قولَ الشاعر :
كذاك الذي يبغي على النّاس ظالماً
تُصبه على رغممٍ عواقب ما صنع
فجاء الشاهد موافقاً للحال. قال : وكنت في طرف الحَلقة، فصاح ابن عرفة وقال : يا أخي ما بغينا، لعلك ابنُ مرزوق ؟ فقلت : عبدكم ) انتهى من ( اغتنام الفرصة ). اه.
وجيء بالجملة المفرعة جملة اسمية للدلالة على الدوام، أي فكان قريناً مقارنة ثابتة دائمة، ولذلك لم يقل : نقيّض له شيطاناً قريناً له. وقدم الجار والمجرور على