" صفحة رقم ٢٢٦ "
التفاوت اليسير، أي تختلف آراء النّاس في تفضيلها، فعلى ذلك بنى النّاس كلامهم فقالوا : رأيت رجالاً بعضهم أفضل من بعض، وربّما اختلفت آراء الرجل الواحد فيها فتارة يفضل هذا وتارة يفضل ذاك، ومنه بيت الحماسة :
مَن تلق منهم تقُل لاقيت سيدهم
مثل النجوم التي يسري بها الساري
وقد فاضلت الأنماريّة بين الكمَلة من بنيها ثم قالت لمَّا أبصرت مراتبهم متقاربة قليلة التفاوت : ثَكِلْتُهم إن كنتُ أعلم أيُّهم أفضل، هم كالحَلْقة المفرغَة لا يُدرَى أيْنَ طرفاها. فالمعنى : وما نريهم من آية إلاّ وهي آية جليلة الدلالة على صدق الرّسول ( ﷺ ) تكاد تنسيهم الآية الأخرى. والأخت مستعارة للمماثلة في كونها آية.
وعطف ) وأخذناهم بالعذاب ( على جملة ) وما نريهم من آية ( لأن العذاب كان من الآيات.
والعذاب : عذاب الدنيا، وهو ما يؤلم ويشق، وذلك القحط والقُمَّل والطوفان والضفادع والدم في الماء.
والأخذ بمعنى : الإصابة. والباء في ) بالعذاب ( للاستعانة كما تقول : خذ الكتاب بقوة، أي ابتدأناهم بالعذاب قبل الاستئصال لعل ذلك يفيقهم من غفلتهم، وفي هذا تعريض بأهل مكة إذ أصيبوا بسني القحط.
والرجوع : مستعار للإذعان والاعتراف، وليس هو كالرجوع في قوله آنفاً ) وجعلها كلمةً باقية في عقبه لعلهم يرجعون ( ( الزخرف : ٢٨ ). وضمائر الغيبة في ) نريهم ( و ) أخذناهم (، و ) لعلهم ( عائدة إلى فرعون وملَئِه.