" صفحة رقم ٢٢٨ "
وكانوا يحسبون أن تلك الآيات معلولة لعلل خفية قياساً على معارفهم بخصائص بعض الأشياء التي لا تعرفها العامة، وكان الكهنة يعهدون بها إلى تلامذتهم ويوصونهم بالكتمان.
والعهد : هو الائتمان على أمر مهمّ، وليس مرادهم به النبوءة لأنهم لم يؤمنوا به وإذ لم يعرفوا كنه العهد عبروا عنه بالموصول وصلته. والباء في قوله :( بما عهد عندك ( متعلقة ب ) ادع ( وهي للاستعانة. ولما رأوا الآيات علموا أن رب موسى قادر، وأن بينه وبين موسى عهداً يقتضي استجابة سؤله.
وجملة ) إننا لمهتدون ( جواب لكلام مقدر دل عليه ) ادع لنا ربك ( أي فإن دعوت لنا وكشفت عنا العذاب لنُؤمَنَنّ لك كما في آية الأعراف ) لئن كشفت عنا الرِّجْزَ لنؤمنَنّ لك ( الآية. ف ( مهتدون ) اسم فاعل مستعمل في معنى الوعد وهو منصرف للمستقبل بالقرينة كما دلّ عليه قوله :( ينكثون ( ( الزخرف : ٥٠ ) ونظيره قوله في سورة الدخان ( ١٢، ١٣ ) حكاية عن المشركين ) ربنا اكشف عنّا العذاب إنا مؤمنون أنّى لهم الذكرى ( الآية. وسَمَّوا تصديقهم إياه اهتداء لأن موسى سمى ما دَعاهم إليه هَدْياً كما في آية النازعات ) وأهْدِيَكَ إلى ربّك فتخشى ).
أي تفرع على تضرعهم ووَعْدِهم بالاهتداء إذا كُشف عنهم العذاب أنهم نكثوا الوعد.
والنكْث : نقض الحبل المبرم، وتقدم في قوله :( فلما كشفنا عنهم الرجْزَ إلى أجل هم بَالِغُوه إذا هم ينكثون ( في سورة الأعراف، وهو مجاز في الخيس بالعهد.
والكلام على تركيب هذه الجملة مثل الكلام على قوله آنفاً ) فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ( ( الزخرف : ٤٧ ).