" صفحة رقم ٢٣٦ "
( ٥٧، ٥٨ ) ) (
عطف قصة من أقاصيص كفرهم وعنادهم على ما مضى من حكاية أقاويلهم، جرت في مجادلة منهم مع النبي ( ﷺ ) وهذا تصدير وتمهيد بين يدي قوله :( ولما جاء عيسى بالبينات ( ( الزخرف : ٦٣ ) الآيات الذي هو المقصود من عطف هذا الكلام على ذكر رسالة موسى عليه السلام.
واقتران الكلام ب ) لما ( المفيدةِ وجودَ جوابها عند وجودِ شرطها، أو توقيتَه، يَقْتَضِي أن مضمون شرط ) لمّا ( معلوم الحصول ومعلوم الزمان فهو إشارة إلى حديث جرى بسبب مثَل ضربه ضارب لحال من أحوال عيسى، على أن قولهم ) أألهتنا خير أم هو ( يحتمل أن يكون جرى في أثناء المجادلة في شأن عيسى، ويحتمل أن يكون مجردَ حكاية شبهة أخرى من شُبه عقائدهم، ففي هذه الآية إجمال يبينه ما يعرفه النبي ( ﷺ ) والمؤمنون من جدَل جرى مع المشركين، ويزيده بياناً قوله :( إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل ( ( الزخرف : ٥٩ ) وهذه الآية من أخفى آي القرآن معنى مراداً.
وقد اختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية وما يبين إجمالها على ثلاثة أقوال ذكرها في ( الكشاف ) وزاد من عنده احتمالاً رابعاً. وأظهر الأقوال ما ذكره ابن عطية عن ابن عباس وما ذكره في ( الكشاف ) وجهاً ثانياً ووجهاً ثالثاً أن المشركين لما سمعوا من النبي ( ﷺ ) بيان ) إنَّ مثل عيسى.. كمثلَ آدم ( ( آل عمران : ٥٩ ) وليس خلقه من دون أب بأعجب من خلق آدم من دون أب ولا أم أو ذلك قبل أن تنزل سورة آل عمران لأن تلك السورة مدنية وسورة الزخرف مكية قالوا : نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدمياً ونحن عبدنا الملائكة أي يدفعون ما سفههم به النبي ( ﷺ ) بأن حقه أن يسفه النصارى فنزل قوله تعالى :( ولما ضرب ابن مريم مثلاً ( الآية ولعلهم قالوا ذلك عَن تجاهل بما جاء في القرآن من ردّ على النصارى.