" صفحة رقم ٢٤٢ "
الناس، فليس تشريف الله إياهم بسكنى العوالم العليا بموجب بُنوتهم لله ولا بمقتضضٍ لهم إلاهية، كما لم يكن تشريف عيسى بنعمة الرسالة ولا تمييزُه بالتكوّن من دون أب مقتضياً له إلهاية وإنما هو بجعل الله وخلقه.
وجُعِل شرط ) لو ( فعلاً مستقبلاً للدلالة على أن هذه المشيئة لم تزل ممكنة بأن يعوِّض للملائكة سكنى الأرض.
ومعنى ( مِن ) في قوله :( منكم ( البدلية والعِوَض كالتي في قوله تعالى :( أرَضِيتُم بالحياة الدنيا مِنَ الآخرة ( ( التوبة : ٣٨ ).
والمجرور متعلق ب ( جعلنا )، وقُدّم على مفعول الفعل للاهتمام بمعنى هذه البَدَلية لتتعمق أفهام السامعين في تدبرها.
وجملة ) في الأرض يخلفون ( بيان لمضمون شبه الجملة إلى قوله :( منكم ( وحذف مفعول ) يخلفون ( لدلالة ) منكم ( عليه، وتقديم هذا المجرور للاهتمام بما هو أدل على كون الجملة بياناً لمضمون ) منكم ). وهذا هو الوجه في معنى الآية وعليه درج المحققون. ومحاولة صاحب ( الكشاف ) حمل ) منكم ( على معنى الابتدائية والاتصال لا يلاقي سياق الآيات.
الأظهر أن هذا عطف على جملة ) وإنه لذكرٌ لك ولقومك ( ( الزخرف : ٤٤ ) ويكون ما بينهما مستطردات واعتراضاً اقتضته المناسبة.
لمّا أشبع مقام إبطال إلاهية غير الله بدلائل الوحدانية ثُني العِنان إلى إثبات أن القرآن حق، عوداً على بدْءٍ. وهذا كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المنكرين يوم البعث، ويجوز أن يكون من كلام النبي ( ﷺ )
وضمير المذكر الغائب في قوله :( وإنه لعلم للساعة ( مراد به القرآن وبذلك