" صفحة رقم ٢٥٨ "
بقولهم : لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ( ( الزخرف : ٧٨ ) لا ينطبق على غير المكذبين، أي كارهون للإسلام والقرآن، فذكر المجرمين إظهار في مقام الإضمار للتنبيه على أن شركهم إجرام.
وجملة ) لا يفتر عنهم ( في موضع الحال من ) عذاب جهنم ( و ) يفتر ( مضاعف فَتَر، إذا سكن، وهو بالتضعيف يتعدّى إلى مفعول. والمعنى : لا يفتِّره أحد.
وجملة ) وهم فيه مبلسون ( عطف على جملة ) إنّ المجرمين في عذاب جهنم خالدون ).
والإبلاس : اليأس والذل، وتقدم في سورة الأنعام : وزاد الزمخشري في معنى الإبلاس قيد السكوت ولم يذكره غيره، والحق أن السكوت من لوازم معنى الإبلاس وليس قيداً في المعنى.
جملة معترضة في حكاية أحوال المجرمين قُصد منها نفي استعظام ما جُوزُوا به من الخلود في العذاب ونفي الرقة لحالهم المحكية بقوله :( وهم فيه مبلسون ( ( الزخرف : ٧٥ ).
والظلم هنا : الاعتداء، وهو الإصابة بضرّ بغير موجب مشروع أو معقول، فنفيه عن الله في مُعَامَلتِهِ إياهم بتلك المعاملة لأنها كانت جزاءً على ظلمهم فلذلك عقب بقوله :( ولكن كانوا هم الظالمين ( أي المعتدين إذ اعتدوا على ما أمر الله من الاعتراف له بالإلاهية، وعلى رسول الله ( ﷺ ) إذ كذبوه ولمَزوه، كما تقدم في قوله :( إن الشرك لظلمٌ عظيمٌ ( في سورة لقمان.
و ) هم ( ضمير فصل لا يطلب معاداً لأنه لم يجْتلبْ للدلالة على معاد لوجود ضمير ) كانوا ( دالاً على المعاد فضمير الفصل مجْتلبٌ لإفادة قصر صفة الظلم على اسم ( كان )، وإذ قد كان حرف الاستدراك بعد النفي كافياً في إفادة