" صفحة رقم ٢٦٨ "
والمجروران يتعلقان ب ) إلاه ( باعتبار ما يتضمنه من معنى المعبود لأنه مشتق من ألَهَ، إذا عبَد فشابه المشتق. وصح تعلق المجْرور به فتعلقه بلفظ إلاه كتعلق الظرف بغِربال وأقوى من تعلق المجرور بكانون في قول الحطيئة يهجو أمه من أبيات :
أغِرْبالاً إذا استُودِعْتتِ سِرًّا
وكَانُوناً على المتحدّثينا
بعد أن وصف الله بالتفرد بالإلاهية أُتبع بوصفه ب ) الحكيم العليم ( تدقيقاً للدليل الذي في قوله :( وهو الذي في السماء إلاه وفي الأرض إلاه (، حيث دل على نفي إلاهية غيره في السماء والأرض واختصاصه بالإلاهية فيهما لما في صيغة القصر من إثبات الوصف له ونفيه عمن سواه، فكان قوله :( وهو الحكيم العليم ( تتميماً للدليل واستدلالاً عليه، ولذلك سميناه تدقيقاً إذ التدقيق في الاصطلاح هو ذكر الشيء بدليللِ دليله وأما التحقيق فذكرُ الشيء بدليله لأن الموصوف بتمام الحكمة وكمال العلم مستغن عما سواه فلا يحتاج إلى ولد ولا إلى بنت ولا إلى شريك.
عطف على ) سبحان ربّ السموات والأرض ( ( الزخرف : ٨٢ )، قصد منه إتباع إنشاء التنزيه بإنشاء الثناء والتمجيد.
و ) تبارك ( خبر مستعمل في إنشاء المدح لأن معنى ) تبارك ( كان متصفاً بالبَركة اتصافاً قوياً لما يدل عليه صيغة تفَاعَل من قوة حصول المشتق منه لأن أصلها أن تدل على صدور فعل من فاعلين مثل : تقاتل وتمارى، فاستعملت في مجرد تكرر الفعل، وذلك مثل : تسامى وتعالى.


الصفحة التالية
Icon