" صفحة رقم ٢٨١ "
وجملة ) إنا كنا مرسلين ( معترضة وحرف ( إنّ ) فيها مثل ما وقع في ) إنا كنا منذرين ).
واعلم أن مفتتح السورة يجوز أن يكون كلاماً موجهاً إلى المشركين ابتداء لفتح بصائرهم إلى شرف القرآن وما فيه من النفع للناس ليكفُّوا عن الصدّ عنه ولهذا وردت الحروف المقطعة في أوَلها المقصودُ منها التحدّي بالإعجاز، واشتملت تلك الجمل الثلاث على حرف التأكيد، ويكون إعلام الرّسول ( ﷺ ) بهذه المزايا حاصلاً تبعاً إن كان لم يسبق إعلامه بذلك بما سبق من آي القرآن أو بوحي غير القرآن. ويجوز أن يكون موجهاً إلى الرّسول ( ﷺ ) أصالة ويكون علم المشركين بما يحتوي عليه حاصلاً تبعاً بطريق التعريض، ويكون التوكيد منظوراً فيه إلى الغرض التعريضي.
ومفعول ) مرسلين ( محذوف دل عليه مادة اسم الفاعل، أي مرسلين الرسل. و ) رحمة من ربّك ( مفعول له من ) إنَّا كنّا مرسلين ( أي كنّا مرسلين لأجل رحمتنا، أي بالعباد المرسل إليهم لأن الإرسال بالإنذار رحمة بالناس لِيتَجنَبوا مهاوي العذاب ويكتسبوا مكاسب الثواب، قال تعالى :( وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ( ( الأنبياء : ١٠٧ ). ويجوز أن يكون ) رحمة ( حالاً من الضمير المنصوب في ) أنزلناه ).
وإيراد لفظ الربّ في قوله :( من ربك ( إظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقول : رحمة منا. وفائدة هذا الإظهار الإشعار بأن معنى الربوبية يستدعي الرحمة بِالمَرْبُوبينَ ثم إضافة ( ربّ ) إلى ضمير الرّسول ( ﷺ ) صرف للكلام عن مواجهة المشركين إلى مواجهة النبي ( ﷺ ) بالخطاب لأنه الذي جرى خطابهم هذا بواسطته فهو كحاضر معهم عند توجيه الخطاب إليهم فيصرف وجه الكلام تارة إليه كما في قوله :( يوسف أعْرِض عن هذا واستغفري لذنبكِ ( ( يوسف : ٢٩ ) وهذا لقصد التنويه بشأنه بعد التنويه بشأن الكتاب الذي جاء به.
وإضافة الربّ إلى ضمير الرّسول ( ﷺ ) ليتوصل إلى حظ له في خلال هذه


الصفحة التالية
Icon