" صفحة رقم ٢٨٩ "
غبار الحرب يوم الفتح فالغشيان حقيقة أو مجاز مشهور. ويجوز أن يكون غباراً متصاعداً في الجو من شدة الجفاف.
وقوله :( هذا عذاب أليم ( قال ابن عطية يجوز أن يكون إخباراً من جانب الله تعالى تعجيباً منه كما في قوله تعالى في قصة الذبيح ) إنَّ هذا لهوَ البلاء المبين ( ( الصافات : ١٠٦ ). ويحتمل أن يكون ذلك من قول الناس الذين يغشاهم العذاب بتقدير : يقولون : هذا عذاب أليم. والإشارة في ) هذا عذاب أليم ( إلى الدخان المذكور آنفاً، عُدل عن استحضاره بالإضمار وأن يقال : هو عذاب أليم، إلى استحضاره بالإشارة، لتنزيله منزلة الحاضر المشاهد تهويلاً لأمره كما تقول : هذا الشتاء قادم فأعدَّ له.
وقريب منه الأمر بالنظر في قوله تعالى :( انظر كيف كذبوا على أنفسهم ( ( الأنعام : ٢٤ ) فإن المحكي مما يحصل في الآخرة.
هذه جملة معترضة بين جملة ) هذا عذاب أليم ( ( الدخان : ١١ ) وجملة ) أنّى لهم الذكرى ( ( الدخان : ١٣ ) فهي مقول قول محذوف. وحملها جميع المفسرين على أنها حكاية قوللِ الذين يغشاهم العذابُ بتقدير يقولون : ربّنا اكشف عنا العذاب، أي هو وَعد صادر من النّاس الذين يغشاهم العذاب بأنهم يؤمنون إن كشف عنهم العذاب أي فيكون مثل قوله تعالى في سورة الزخرف ) وقالوا يا أيها الساحر ادعُ لنا ربّك بما عهد عندك إننا لمهتدون (، أي إنْ دعوتَ ربّك اتبعناك ويكون بمعنى قوله في سورة الأعراف ) ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادْعُ لنا ربّك ( إلى قوله :( لئن كشفت عنا الرجز لَنُؤمِنَن لك ).
ومما تسمح به تراكيب الآية وسياقها أن يكون القول المحذوف مقدَّراً بفعللِ أمرٍ أي قولوا لتلقين المسلمين أن يستعيذوا بالله من أن يصيبهم ذلك العذاب إذ كانوا


الصفحة التالية
Icon