" صفحة رقم ٢٩٤ "
والبطشة : واحدة البطش وهو : الأخذ الشديد بعنف، وتقدم في قوله تعالى :( أم لهم أيد يبطشون بها ( في سورة الأعراف.
( ١٧ ٢١ ) ) (
جعل الله قصة قوم فرعون مع موسى عليه السلام وبني إسرائيل مثلاً لحال المشركين مع النبي ( ﷺ ) والمؤمنين به، وجعل ما حلّ بهم إنذاراً بما سيحلّ بالمشركين من القحط والبطشة مع تقريب حصول ذلك وإمكانه ويُسره وإن كانوا في حالة قوة فإن الله قادر عليهم، كما قال تعالى :( فأهلكنا أشدّ منهم بطشاً ( ( الزخرف : ٨ ) فذكرها هنا تأييد للنبيء ووَعدٌ له بالنصر وحسننِ العاقبة، وتهديدٌ للمشركين.
وهذا المثل وإن كان تشبيهاً لمجْمُوععِ الحالة بالحالة فهو قابل للتوزيع بأن يشبَّه أبو جهل بفرعون، ويشبه أتباعه بملإِ فرعون وقومِه أو يشبه محمد ( ﷺ ) بموسى عليه السلام، ويشبه المسلمون ببني إسرائيل. وقبولُ المثل لتوزيع التشبيه من محاسنه.
وموقع جملة ) ولقد فتنا ( يجوز أن يكون موقع الحال فتكون الواوُ للحال وهي حال من ضمير ) إنا منتقمون ( ( الدخان : ١٦ ). ويجوز أن تكون معطوفة على جملة ) إنا منتقمون ( الدخان : ١٦ )، أي منتقمون منهم في المستقبل وانتقمنا من قوممِ فرعون فيما مضى.
وأشعر قولَه قبلَهم ( أن أهل مكة سيُفتنون كما فُتِن قوم فرعون، فكان هذا الظرف مؤذناً بجملة محذوفة على طريقة الإيجاز، والتقدير : إنا منتقمون ففاتنوهم فقد فتنا قبلهم قوم فرعون، ومؤذناً بأن المذكور كالدليل على توقع ذلك وإمكانه وهو إيجاز آخر.


الصفحة التالية
Icon