" صفحة رقم ٣٠٣ "
).
عطف على ) تركوا ( أي تركوها وأورثناها غيرهم، أي لفرعون الذي وُلي بعد موت منفطا وسمي صطفا منفطا وهو أحد أُمراء فرعون منفطا تزوج ابنة منفطا المسماةَ طُوسِير التي خلفت أباها منفطا على عرش مصر، ولكونه من غير نسل فرعون وُصف هو وَجُندُه بقوم آخرين، وليس المراد بقوله :( قوماً آخرين ( قوماً من بني إسرائيل، ألا ترى أنه أعيد الاسم الظاهر في قوله عقبه ) ولقد نجينا بني إسرائيل ( ( الدخان : ٣٠ )، ولم يقل ولقد نجيناهم.
ووقع في آية الشعراء ) فأخرجناهم من جناتتٍ وعيونٍ وكنوزٍ ومقاممٍ كريممٍ كذلك وَأورثناها بني إسرائيل ( ( الشعراء : ٥٧ ٥٩ ) والمراد هنالك أن أنواعاً مما أخرجنا منه قومَ فرعون أورثناها بني إسرائيل، ولم يُقصد أنواعُ تلك الأشياء في خصوص أرض فرعون. ومناسبة ذلك هنالك أن القومَين أخرجا مما كانا فيه، فسُلب أحد الفريقين ما كان له دون إعادة لأنهم هلكوا، وأعطي الفريق الآخَر أمثال ذلك في أرض فلسطين، ففي قوله :( وأورثناها ( تشبيه بليغ وانظر آية سورة الشعراء.
تفريع على قوله :( كم تركوا من جنات ( إلى قوله :( قوماً آخرين ( ( الدخان : ٢٥ ٢٨ )، فإن ذلك كله يتضمن أنهم هلكوا وانقرضوا، أي فما كان مُهلَكُهم إلا كمُهلَك غيرهم ولم يكن حدثاً عظيماً كما كانوا يحسبون ويحسب قومُهم، وكان من كلام العرب إذا هلك عظيم أن يهوِّلوا أمر موته بنحو : بَكت عليه السماء، وبكته الريح، وتزلزلتْ الجبال، قال النابغة في توقع موت النعمان بن المنذر من مرضه :
فإن يهلك أبو قابوس يهلِك
ربيعُ الناس والبلدُ الحرام
وقال في رثاء النعمان بن الحارث الغساني :
بكَى حارثُ الجَولان من فقد ربه
وحَوْران منه موحَش مُتضائل


الصفحة التالية
Icon