" صفحة رقم ٣٠٥ "
وقوله :( من فرعون ( الأظهر أن يكون بدلاً مطابقاً للعذاب المهين فتكون ) مِن ( مؤكدة ل ) من ( الأولى المعدية ل ) نجينا ( لأن الحرف الداخل على المبدل منه يجوز أن يدخل على البدل للتأكيد. ويحسن ذلك في نكت يقتضيها المقام وحسنّه هنا، فأظهرت ) مِن ( لخفاء كون اسم فرعون بدلاً من العذاب تنبيهاً على قصد التهويل لأمر فرعون في جَعل اسمه نفس العذاب المَهِين، أي في حال كونه صادراً من فرعون.
وجملة ) إنه كان عالياً ( مستأنفة استئنافاً بيانياً لبيان التهويل الذي أفاده جعل اسم فرعون بدلاً من العذاب المهين. والعالي : المتكبر العظيم في الناس، قال تعالى :( إن فرعون علا في الأرض ( ( القصص : ٤ ).
و ) من المسرفين ( خبر ثان عن فرعون، والإسراف : الإفراط والإكثار. والمراد هنا الإكثار في التعالي، يراد الإكثار في أعمال الشر بقرينة مقام الذم. و ) من المسرفين ( أشد مبالغة في اتصافه بالإسراف من أن يقال : مسرفاً، كما تقدم في قوله تعالى :( قال أعوذ بالله أنْ أكونَ من الجاهلين في سورة البقرة.
إشارة إلى أن الله تعالى قد اختار الذين آمنوا بمحمد ( ﷺ ) على أمم عصرهم كما اختار الذين آمنوا بموسى عليه السلام على أمم عصرهم وأنه عالم بأن أمثالهم أهل لأن يختارهم الله. والمقصود : التنويه بالمؤمنين بالرسل وأن ذلك يقتضي أن ينصرهم الله على أعدائهم ولأجل هذه الإشارة أكد الخبر باللام و ( قد )، كما أكد في قوله آنِفاً ) ولقد نجينا بني إسرائيل ( ( الدخان : ٣٠ )، و ) على ( في قوله :( على علم ( بمعنى ( مع )، كقول الأحوص :
إني على ما قد علمتتِ محسَّد
أنمي على البغضاء والشنآن
وموضع المجرور بها موضع الحال.
والمراد ب ) العالمين ( الأمم المعاصرة لهم. ثم بدلوا بعد ذلك فضربت عليهم


الصفحة التالية
Icon