" صفحة رقم ٣٢٢ "
وفي هذا الكلام الموجز إخبار بتيسير القرآن للفهم لأن الغرض منه التذكر، قال تعالى :( ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ( ( القمر : ١٧ )، وبأن سبب ذلك التيسير كونُه بأفصح اللغات وكونُه على لسان أفضل الرسل ( ﷺ ) فلذلك كان تسببه في حصول تذكرهم تسبباً قريباً لو لم يكونوا في شك يلعبون. وباعتبار هذه المعاني المتوافرة حسن أن يفرع على هذه الجملة تأييد النبي ( ﷺ ) وتهديد معانديه بقوله :( فارتقب إنهم مرتقبون ( أي فارتقب النصر الذي سألته بأن تعان عليهم بسنين كسنين يوسف فإنهم مرتقبون ذلك وأشد منه وهو البطشة الكبرى.
وإطلاق الارتقاب على حال المعاندين استعارة تهكمية لأن المعنى أنهم لاقُون ذلك لا محالة وقد حسنها اعتبار المشاكلة بين ( ارتقب ) و ) مرتقبون ).
وجملة ) إنهم مرتقبون ( تعليل للأمر في قوله ) فارتقب ( أي ارتقب النصر بأنهم لاَقُوا العذاب بالقحط وقد أغنت ( إنّ ) التّسبُب والتعليل.
وفي هذه الخاتمة ردّ العجز على الصدر إذ كان صدر السورة فيه ذكر إنزال الكتاب المبين وأنه رحمة من الله بواسطة رسالة محمد ( ﷺ ) وكان في صدرها الإنذار بارتقاب يوم تأتي السماء بدخان مبين وذكر البطشة الكبرى. فكانت خاتمة هذه السورة خاتمة عزيزة المنال اشتملت على حسن براعة المقطع وبديع الإيجاز.


الصفحة التالية
Icon