" صفحة رقم ٣٣٩ "
الله تعالى، وإن كانت نزلت على سبب خاص عرض في أثناء نزول السورة فمناسبتها لأغراض السورة واضحة لأنها تعليم لما يصلح به مقام المسلمين بمكة بين المضادين لهم واحتمال ما يلاقونه من صَلفهم وتجبرهم إلى أن يقضي الله بينهم.
وقد روي في سبب نزولها أخبار متفاوتة الضعف، فروى مكي بن أبي طالب أن رجلاً من المشركين شتم عمر بن الخطاب فَهَمّ أن يبطش به قال ابن العربي :( وهذا لم يصح ). وفي ( الكشاف ) أن عمر شتمه رجل من غِفار فَهَمَّ أن يبطش به فنزلت. وعن سعيد بن المسيب ( كنا بين يدي عمر بن الخطاب فقرأ قارىء هذه الآية فقال عمر : ليَجزِيَ عُمَرَ بما صنع ) يعني أنه سبب نزول الآية. وروى الواحدي والقشيري عن ابن عباس : إنها نزلت في غزوة بني المصطلق : نزلوا على بئر يقال لها : المُرَيْسِيع فأرسَل عبدُ الله بن أُبَيّ غلامه ليستقي من البئر فأبطأ، فلما أتاه قال : ما حسبك. قال : غلام عُمر قعد على فم البئر فما ترك أحداً يسقي حتى مَلأ قِرَبَ النبي ( ﷺ ) وقِرَب أبي بكر ومَلأ لمولاه، فقال عبد الله بن أُبيّ : ما مَثلُنا ومثَلُ هؤلاء إلا كما قال القائل :( سَمِّن كلبَك يأكُلك ) فهَمَّ عمر بن الخطاب بقتله، فنزلت. وروى ابن مهران عن ابن عباس لما نزل قوله تعالى :( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً ( ( البقرة : ٢٤٥ ) الآية قال فنحاص اليهودي : احتاج ربّ محمد، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه فنزلت الآية، فبعث رسول الله ( ﷺ ) في طلبه فلما جاء قال : ضع سيفك. وهاتان روايتان ضعيفتان ومن أجلهما روي عن عطاء وقتادة وابن عباس أن هذه الآية مدنية.
وأقرب هذه الأخبار ما قاله مكي بن أبي طالب. ولو صحت ما كان فيه ما يفكك انتظام الآيات سواء صادف نزولها تلك الحادثة أو أمر الله بوضعها في هذا الموضع.
وجزْم ) يغفروا ( على تقدير لام الأمر محذوفاً، أي قل لهم ليغفروا، أو هو مجزوم في جواب ) قل (، والمقول محذوف دل عليه الجواب. والتقدير : قل للذين آمنوا اغفروا يغفروا. وهذا ثقة بالمؤمنين أنهم إذا قال لهم الرسول ( ﷺ ) امتثلوا. والوجهان


الصفحة التالية
Icon