" صفحة رقم ٣٦٠ "
العاصي أن النبي ( ﷺ ) قال :( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئتُ به ) وعن أبي الدرداء ( إذا أصبح الرجل اجتمع هَواه وعَمله وعلمه فإن كان عمَلُه تبعاً لهواه فيومه يوم سوء وإن كان عمله تبعاً لِعلمه فيومه يوم صالح ). وأما اتباع الأمر المحبوب لإرضاء النفس دون نظر في صلاحه أو فساده فذلك سبب الضلال وسوء السيرة.
قال عمرو بن العاصي :
إذا المرء لم يترك طعاماً يحبه
ولم ينْه قلباً غاوياً حيثُ يَمَّمَا
فيوشك أن تَلقَى له الدهرَ سبَّة
إذا ذُكرت أمثالها تَمْلأ الفما
ومن الكلمات المأثورة ( ثلاث من المهلكات : شُحّ مطاع، وهوًى متبع، وإعجاب المرأ بنفسه ) ويروى حديثاً ضعيف السند. وقدم السمع على القلب هنا بخلاف آية سُورة البقرة ) ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ( ( البقرة : ٧ ) لأن المخبَر عنهم هنا لما أخبر عنهم بأنهم اتخذوا إلاههم هواهم، فقد تقرر أنهم عقدوا قلوبهم على الهوى فكان ذلك العَقد صَارفاً السمع عن تلقي الآيات فَقُدِّمَ لإفَادةِ أنهم كالمختوم على سمعهم، ثم عطف عليه ) وقلبِه ( تكميلاً وتذكيراً بذلك العقد الصارف للسمع ثم ذكر ما ) على بصره ( من شبهِ الغشاوة لأن ما عقد عليه قلبه بصره عن النظر في أدلة الكائنات.
وأما آية سورة البقرة فإن المتحدث عنهم هم هؤلاء أنفسهم ولكن الحديث عنهم ابتدىء بتساوي الإنذار وعدمه في جانبهم بقوله :( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ( ( البقرة : ٦ ) فلما أريد تفصيله قدم الختم على قلوبهم لأنه الأصل كما كان اتخاذ الهوى كالإلاه أصلاً في وصف حالهم في آية سورة الجاثية. فحالة القلوب هي الأصل في الانصراف عن التلقي والنظر في الآيتين ولكن نظم هذه الآية كان على حسب ما يقتضيه الذكر من الترتيب ونظم آية البقرة كان على حسب ما يقتضيه الطبْع. وقرأ الجمهور ) أفلا تذكرون ( بتشديد الذال. وقرأه عاصم بتخفيف الذال


الصفحة التالية
Icon