" صفحة رقم ١٣٢ "
وقرأ الجمهور إلى السَّلم ( بفتح السين. وقرأه أبو بكر عن عاصم وحمزة بكسر السين وهما لغتان. وجملة ) وأنتم الأعلون ( عطف على النهي عطف الخبر على الإنشاء، والخبر مستعمل في الوعد.
والأعلون : مبالغة في العلوّ. وهو هنا بمعنى الغلبة والنصر كقوله تعالى لموسى :( إنك أنت الأعلى ( ( طه : ٦٨ )، أي والله جاعلكم غالبين.
و ) الله معكم ( عطف على الوعد. والمعية معية الرعاية والكلاءة، أي والله حافظكم وراعيكم فلا يجعل الكافرين عليكم سبيلاً. والمعنى : وأنتم الغالبون بعناية الله ونصره.
وصيغ كل من جملتي ) أنتم الأعلون والله معكم ( جملة اسمية للدلالة على ثبات الغلب لهم وثبات عناية الله بهم.
وقوله :( ولن يتركم أعمالكم ( وعد بتسديد الأعمال ونجاحها عكس قوله في أول السورة ) الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله أضلّ أعمالهم ( ( محمد : ١ ) فكني عن توفيق الأعمال ونجاحها بعدم وترها، أي نقصها للعلم بأنه إذا كان لا ينقصها فبالحري أن لا يبطلها، أي أن لا يخيبها، وهو ما تقدم من قوله :( والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضلّ أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ( ( محمد : ٤، ٥ ).
يقال : وتره يتره وَتْراً وتِرَة كوعد، إذا نقصه، وفي حديث ( الموطأ ) ( من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهلَه ومالَه ). ويجوز أيضاً أن يراد منه صريحه، أي ينقصكم ثوابكم على أعمالكم، أي الجهاد المستفاد من قوله ) فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ( فيفيد التحريض على الجهاد بالوعد بأجره كاملاً.
( ٣٦، ٣٧ )
تعليل لمضمون قوله :( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ( ( محمد : ٣٥ ) الآية، وافتتاحها ب ( إنّ ) مُغننٍ عن افتتاحها بفاء التسبب على ما بينه في دلائل الإعجاز، وليس اتصال