" صفحة رقم ١٤٣ "
ثم ذكر بيعة الحديبية والتنويه بشأن من حضرها. وفَضَح الذين تخلّفوا عنها من الأعراب ولمزهم بالجبن والطمع وسوء الظن بالله وبالكذب على رسول الله ( ﷺ ) ومنعهم من المشاركة في غزوة خيبر، وإنبائهم بأنهم سيدعون إلى جهاد آخر فإن استجابوا غُفر لهم تخلفهم عن الحديبية. ووعد النبيء ( ﷺ ) بفتح آخر يعقبه فتح أعظم منه وبفتح مكة. وفيها ذكر بفتح من خيبر كما سيأتي في قوله تعالى :( فعجّل لكم هذه ( ( الفتح : ٢٠ ).
( ١ ٣ ).
افتتاح الكلام بحرف ( إنّ ) ناشىء على ما أحلّ للمسلمين من الكآبة على أن أجيب المشركون إلى سؤالهم الهدنة كما سيأتي من حديث عمر بن الخطاب وما تقدم من حديث عبد الله بن مغفل فالتأكيد مصروف للسامعين على طريقة التعريض، وأما النبيء ( ﷺ ) فقد كان واثقاً بذلك، وسيأتي تبيين هذا التأكيد قريباً.
والفتح : إزالة غلق الباببِ أو الخزانة قال تعالى :( لا تُفتَّح لهم أبواب السماء ( ( الأعراف : ٤٠ ) ويطلق على النصر وعلى دخول الغازي بلاد عدوّه لأن أرض كل قوم وبلادهم مواقع عنها فاقتحام الغازي إياها بعد الحرب يشبه إزالة الغلق عن البيت أو الخزانة، ولذلك كثر إطلاق الفتح على النصر المقترن بدخول أرض المغلوب أو بلده ولم يطلق على انتصار كانت نهايته غنيمة وأسر دون اقتحام أرض فيقال : فتح خيبر وفتح مكة ولا يقال : فتح بَدر. وفتح أُحد. فمن أطلق الفتح على مطلق النصر فقد تسامح، وكيف وقد عطف النصر على الفتح في قوله :( نصر من الله وفتح قريب في سورة الصف. ولعلّ الذي حداهم على عدّ النصر من معاني مادة الفتح أن فتح البلاد هو أعظم النصر لأن النصر يتحقق بالغلبة وبالغنيمة فإذا كان مع اقتحام أرض العدّو