" صفحة رقم ١٦ "
وجملة ) كفى به شهيداً بيني وبينكم ( بدل اشتمال من جملة ) هو أعلم بما تفيضون فيه ( لأن الاخبار بكونه أعلم منهم بكنه ما يفيضون فيه يشتمل على معنى تفويض الحكم بينه وبينهم إلى الله تعالى. وهذا تهديد لهم وتحذير من الخوض الباطل ووعيد.
والشهيد : الشاهد، أي المخبر بالواقع. والمراد به هنا الحَاكم بما يعلمه من حالنا كما دلّ عليه قوله :( بيني وبينكم ( لأن الحكم يكون بين خصمين ولا تكون الشهادة بينهما بل لأحدهما قال تعالى :( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ( ( النساء : ٤١ ).
وإجراء وصفي ) الغفور الرحيم ( عليه تعالى اقتضاه ما تضمنه قوله :( كفى به شهيداً بيني وبينكم ( من التهديد والوعيد، وهو تعريض بطلب الإقلاع عما هم فيه من الخوض بالباطل.
أعيد الأمر بأن يقول ما هو حجة عليهم لما علمت آنفاً في تفسير قوله :( قل أرأيتم ما تدعون من دون الله ( ( الأحقاف : ٤ ) الآيات. وهذا جواب عما تضمنه قولهم :( افتراه ( ( الأحقاف : ٨ ) من إحالتهم صدقه فيما جاء به من الرسالة عن الله إحالة دعتهم إلى نسبة الرسول ( ﷺ ) إلى الافتراء على الله. وإنما لم يعطف على جملة ) قل إن افتريته ( ( الأحقاف : ٨ ) لأن المقصود الارتقاء في الرد عليهم من ردّ إلى أقوى منه فكان هذا كالتعدد والتكرير، وسيأتي بعده قوله :( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به ( ( الأحقاف : ١٠ ). ونظير ذلك ما في سورة المؤمنين ( ٨١ ٨٤ ) ) بل قالوا مثل ما قال الأولون إلى قل لمن الأرضُ ومَن فيها إن كنتم تعلمون وقولِه قل من رب السماوات السبع ( ( المؤمنون : ٨٦ ) وقوله :( قل من بيده ملكوت كل شيء ( ( المؤمنون : ٨٨ ) الخ.
والبِدع بكسر الباء وسكون الدال، معناه البَديع مثل : الخِفّ يعني الخفيف قال امرؤ القيس :


الصفحة التالية
Icon