" صفحة رقم ١٦٠ "
بعد قوة أنكاثاً ( ( النحل : ٩٢ ). وغلب النكث في معنى النقض المعنوي كإبطال العهد.
والكلام تحذير من نكث هذه البيعة وتفظيع له لأن الشرط يتعلق بالمستقبل. ومضارع ) ينكث ( بضم الكاف في المشهور واتفق عليه القرّاء. ومعنى ) فإنما ينكث على نفسه ( : أن نكثه عائد عليه بالضرّ كما دلّ عليه حرف على.
و ) إنما ( للقصر وهو لقصر النكث على مدلول ) على نفسه ( ليراد لا يضر بنكثه إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً فإن نكث العهد لا يخلو من قصد إضرار بالمنكوث، فجيء بقصر القلب لقلب قصد الناكث على نفسه دون على النبي ( ﷺ ) ويقال : أوفى بالعهد وهي لغة تهامة، ويقال : وفي بدون همز وهي لغة عامة العرب، ولم تجيء في القرآن إلا الأولى. قالوا : ولم ينكث أحد ممن بايع.
والظاهر عندي : أن سبب المبايعة قد انعدم بالصلح الواقع بين النبي ( ﷺ ) وبين أهل مكة وأن هذه الآية نزلت فيما بين ساعة البيعة وبين انعقاد الهدنة وحصل أجر الإيفاء بالنية عدمه لو نزل ما عاهدوا الله عليه. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر ورويس عن يعقوب ) فسنؤتيه ( بنون العظمة على الالتفات من الغيبة إلى التكلم. وقرأه الباقون بياء الغيبة عائداً ضميره على اسم الجلالة.
لمَّا حَذر من النكث ورغَّب في الوفاء أتبع ذلك بذكر التخلف عن الانضمام إلى جيش النبي ( ﷺ ) حين الخروج إلى عمرة الحديبية وهو ما فعله الأعراب الذين كانوا نازلين حول المدينة وهم ست قبائل : غفار ومُزْينة وجُهينة وأشْجَع وأسْلَمَ والدِّيل بعد أن بايعوه على الخروج معه فإن رسول الله ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon