" صفحة رقم ١٦٩ "
يغيروا ما أمر الله به رسوله حين يقولون ) ذرونا نتبعكم ( إذ اتباع الجيش والخروج في أوله سواء في المقصود من الخروج.
وقرأ الجمهور ) كلام الله ). وقرأه حمزة والكسائي وخلف ) كَلِم الله ( اسم جمع كَلمة. وجيء ب ) لن ( المفيدة تأكيد النفي لقطع أطماعهم في الإذن لهم باتباع الجيش الخارج إلى خيبر ولذلك حذف متعلق ) تتبعونا ( للعلم به. و ) مِن قبلُ ( تقديره : من قبل طلبكم الذي تطلبونه وقد أخبر الله عنهم بما سيقولونه إذ قال :( فسيقولون بل تحسدوننا (، وقد قالوا ذلك بعد نحو شهر ونصف فلما سمع المسلمون المتأهبون للخروج إلى خيبر مقالتهم قالوا : قد أخبرنا الله في الحديبية بأنهم سيقولون هذا.
و ) بل ( هنا للإضراب عن قول الرسول ( ﷺ ) ) لن تتبعونا ( وهو إضراب إبطال نشأ عن فورة الغضب المخلوط بالجهالة وسوء النظر، أي ليس بكم الحفاظ على أمر الله، بل بكم أن لا نقاسمكم في المغانم حسداً لنا على ما نصيب من المغانم.
والحسد : كراهية أن ينال غيرُك خيراً معيَّناً أو مطلقاً سواء كان مع تمني انتقاله إليك أو بدون ذلك، فالحسد هنا أريد به الحرص على الانفراد بالمغانم وكراهية المشاركة فيها لئلا ينقص سهام الكارهين. وتقدم الحسد عند قوله تعالى :( بَغياً أن ينزل الله من فضله ( ( البقرة : ٩٠ ) وعند قوله :( حسداً من عند أنفسهم ( ( البقرة : ١٠٩ ) كلاهما في سورة البقرة.
وضمير الرفع مراد به أهل الحديبية، نسبوهم إلى الحسد لأنهم ظنوا أن الجواب بمنعهم لعدم رضى أهل الحديبية بمشاركتهم في المغانم. ولا يظن بهم أن يريدوا بذلك الضميرِ شمولَ النبي ( ﷺ ) لأن المخلفين كانوا مؤمنين لا يتهمون النبي ( ﷺ ) بالحسد ولذلك أبطل الله كلامهم بالإضراب الإبطالي فقال :( بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً (، أي ليس قولك لهم ذلك لقصد الاستبشار بالمغانم لأهل الحديبية ولكنه أمر الله وحقه لأهل الحديبية وتأديب للمخلفين ليكونوا عبرة لغيرهم فيما


الصفحة التالية
Icon