" صفحة رقم ١٧٢ "
و ) أو ( للترديد بين الأمرين والتنويع في حالة تُدعون، أي تدعون إلى قتالهم وإسلامهم، وذلك يستلزم الإمعان في مقاتلتهم والاستمرار فيها ما لم يسلموا، فبذلك كان ) أو يسلمون ( حالاً معطوفاً على جملة ) تقاتلونهم ( وهو حال من ضمير ) تدعون ).
وقوله :( وإن تتولوا كما توليتُم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً ( تَعبير بالتوالي الذي مضى، وتحذير من ارتكاب مثله في مثل هذه الدعوة بأنه تَوَلَّ يوقع في الإثم لأنه تولَ عن دعوة إلى واجب وهو القتال للجهاد. فالتشبيه في قوله :( كما توليتم من قبل ( تشبيه في مطلق التولّي لقصد التشويه وليس تشبيهاً فيما يترتب على ذلك التولي.
جملة معترضة بين جملة ) وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً ( ( الفتح : ١٦ ) وبين جملة ) ومن يطع الله ورسوله ( الآية قصد منها نفي الوعيد عن أصحاب الضَّرارة تنصيصاً على العذر للعناية بحكم التولّي والتحذير منه.
وجملة ) من يطع الله ( الخ تذييل لجملة ) فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً ( ( الفتح : ١٦ ) الآية لما تضمنته من إيتاء الأجر لكل مطيع من المخاطبين وغيرهم، والتعذيب لكل متولَ كذلك، مع ما في جملة ) ومن يطع اللَّه ( من بيان أن الأجر هو إدخال الجنات، وهو يفيد بطريق المقابلة أن التعذيب الأليم بإدخالهم جهنم. وقرأ نافع وابن عامر ) ندخلْه ( و ) نعذبْه ( بنون العظمة على الالتفات من الغيبة إلى التكلم. وقرأ الجمهور ) يدخله ( بالياء التحتية جرياً على أسلوب الغيبة بعود الضمير إلى اسم الجلالة.


الصفحة التالية
Icon