" صفحة رقم ١٨ "
لأن الموصول وصلته لما وقعا مفعولاً للمنفي في قوله :( وما أدري ( تناول النفي ما هو في حيّز ذلك الفعل المنفي فصار النفي شاملاً للجميع فحسّن إدخال حرف النفي على المعطوف، كما حسُن دخول الباء التي شأنها أن تزاد فيجرَّ بها الاسم المنفي المعطوف على اسم ( إن ) وهو مُثبت في قوله تعالى :( أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يَعْىَ بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى ( ( الأحقاف : ٣٣ ) لوقوع ) أنّ ( العاملة فيه في خبر النفي وهو ) أو لم يروا ( وكذلك زيادة ( مِن ) في قوله تعالى :( ما يَودّ الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنزّل عليكم من خير ( ( البقرة : ١٠٥ ) فإن ) خيرٍ ( وقع معمولاً لفعل ) يُنزَّل ( وهو فعل مثبت ولكنه لما انتفت ودادتهم التنزيلَ صار التنزيل كالمنفي لديهم.
وعطف ) وما أنا إلا نذير مبين ( على جملة ) ما كنت بدعا من الرسل ( لأنه الغرض المسوق له الكلام بخلاف قوله :( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ). والمعنى : وما أنا نذير مبين لا مُفْتَرٍ، فالقصر قصر إضافي، وهو قصر قلب لردّ قولهم ) افتراه ).
أعيد الأمر بأن يقول لهم حجة أخرى لعلها تردهم إلى الحق بعد ما تقدم من قوله :( قل أرأيتم ما تَدعون من دون الله ( ( الأحقاف : ٤ ) الآية وقوله :( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً ( ( الأحقاف : ٨ ) وقوله :( قل ما كنت بدعا من الرسل ( ( الأحقاف : ٩ ) الآية.
وهذا استدراج لهم للوصول إلى الحق في درجات النظر فقد بادأهم بأن ما أحالوه من أن يكون رسولاً من عند الله ليس بمحال إذ لم يكن أولَ الناس جاء برسالة من الله. ثم أعقبه بأن القرآن إذا فرضنا أنه من عند الله وقد كفرتم بذلك كيف يكون حالكم عند الله تعالى.
وأقحم في هذا أنه لو شهد شاهد من أهل الكتاب بوقوع الرسالات ونزول