" صفحة رقم ١٨١ "
فعلم أن الآية أشارت إلى ثلاثة أنواع من المغانم : نوع من مغانم موعودة لهم قريبة الحصول وهي مغانم خيبر، ونوع هو مغانم مرجوة كثيرة غير معين وقت حصولها، ومنها مغانم يوم حنين وما بعده من الغزوات، ونوع هو مغانم عظيمة لا يَخطر ببالهم نوالها قد أعدها الله للمسلمين ولعلها مغانم بلاد الروم وبلاد الفرس وبلاد البربر. وفي الآية إيماء إلى أن هذا النوع الأخير لا يناله جميع المخاطبين لأنه لم يأت في ذكره بضميرهم، وهو الذي تأوله عُمر في عدم قسمة سواد العراق وقرأ قوله تعالى :( والذين جاءوا من بعدهم ( ( الحشر : ١٠ ).
( ٢٢، ٢٣ )
هذا عطف على قوله :( وكف أيدي الناس عنكم ( ( الفتح : ٢٠ ) على أن بعضه متعلق بالمعطوف عليه، وبعضه معطوف على المعطوف عليه فما بينهما ليس من الاعتراض.
والمقصود من هذا العطف التنبيه على أن كف أيدي الناس عنهم نعمة على المسلمين باستبقاء قوتهم وعدتهم ونشاطهم. وليس الكف لدفع غلبة المشركين إياهم لأن الله قدَّر للمسلمين عاقبة النصر فلو قاتلهم الذين كفروا لهزمهم المسلمون ولم يجدوا نصيراً، أي لم ينتصروا بجمعهم ولا بمن يعينهم.
والمراد بالذين كفروا ما أريد بالناس في قوله :( وكف أيدي الناس عنكم ). وكان مقتضى الظاهر الإتيان بضمير الناس بأن يقال : ولو قاتلوكم، فعدل عنه إلى الاسم الظاهر لما في الصلة من الإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو أن الكفر هو سبب تولية الإدبار في قتالهم للمسلمين تمهيداً لقوله :( سنة اللَّه التي قد خلت من قبل ).


الصفحة التالية
Icon