" صفحة رقم ١٨٩ "
لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً ( ( الفتح : ٢٢ ) أنه إنما لم يأمر المسلمين بقتال عدوهم لمّا صدوهم عن البيت لأنه أراد رحمة جمع من المؤمنين والمؤمنات كانوا في خلال أهل الشرك لا يَعلمونهم، وعصم المسلمين من الوقوع في مصائب من جراء إتلاف إخوانهم، فالجملة معطوفة على جملة ) ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ( أو على جملة ) وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ( ( الفتح : ٢٤ ) الخ. وأيًّا مَّا كان فهي كلام معترض بين جملة ) هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام ( الخ وبين جملة ) إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ( ( الفتح : ٢٦ ). ونظم هذه الآية بديع في أسلوبي الإطناب والإيجاز والتفنن في الانتقال ورشاقة كلماته.
و ) لولا ( دالة على امتناععٍ لوجودٍ، أي امتنع تعذيبُنا الكافرين لأجل وجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات بينهم. وما بعد ) لولا ( مبتدأ وخبره محذوف على الطريقة المستعملة في حذفه مع ) لولا ( إذا كان تعليق امتناع جوابها على وجود شرطها وجوداً مطلقاً غير مقيد بحال، فالتقدير : ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات موجودون، كما يدل عليه قوله بعده ) لو تزيَّلوا (، أي لو لم يكونوا موجودين بينهم، أي أن وجود هؤلاء هو الذي لأجله امتنع حصول مضمون جواب ) لولا ).
وإجراء الوصف على رجال ونساء بالإيمان مشير إلى أن وجودهم المانع من حصول مضمون الجواب هو الوجود الموصوف بإيمان أصحابه، ولكن الامتناع ليس معلقاً على وجود الإيمان بل على وجود ذوات المؤمنين والمؤمنات بينهم. وكذلك قوله :( لم تعلموهم ( ليس هو خبراً بل وصفاً ثانياً إذ ليس محط الفائدة.
ووجه عطف ) نساء مؤمنات ( مع أن وجود ) رجال مؤمنون ( كاف في ربط امتناع الجواب بالشرط ومع التمكن من أن يقول : ولولا المؤمنُون، فإن جمع المذكر في اصطلاح القرآن يتناول النساء غالباً، أن تخصيص النساء بالذكر أنسب بمعنى انتفاء المعرة بقتلهن وبمعنى تعلق رحمة الله بهن.


الصفحة التالية
Icon