" صفحة رقم ١٩٢ "
وجواب ) لولا ( يجوز اعتباره محذوفاً دل عليه جواب ) لو ( المعطوفة على ) لولا ( في قوله :( لو تزيلوا (، ويجوز اعتبار جواب ) لو ( مرتبطاً على وجه تشبيه التنازع بين شرطي ) لولا ( و ) لو ( لمرجع الشرطين إلى معنى واحد وهو الامتناع فإن ) لولا ( حرف امتناع لوجود أي تدلّ على امتناع جوابها لوجود شرطها. و ) لو ( حرف امتناع لامتناع، أي تدل على امتناع جوابها لامتناع شرطها فحكم جوابيهما واحد، وهو الامتناع، وإنما يَختلف شرطاهما فشرط ) لو ( منتف وشرط ) لولا ( مثبت.
وضمير ) تزيلوا ( عائد إلى ما دل عليه قوله :( ولولا رجال مؤمنون ( الخ من جمع مختلط فيه المؤمنون والمؤمنات مع المشركين كما دل عليه قوله :( لم تعلموهم ).
والتزيَّل : مطاوع زيَّله إذا أبعده عن مكان، وزيلهم، أي أبعد بعضهم عن بعض، أي فرقهم قال تعالى :( فزيلنا بينهم ( ( يونس : ٢٨ ) وهو هنا بمعنى التفرق والتميز من غير مراعاة مطاوعة لفعل فاعل لأن أفعال المطاوعة كثيراً ما تطلق لإرادة المبالغة لدلالة زيادة المبنى على زيادة المعنى وذلك أصل من أصول اللغة.
والمعنى : لو تفرق المؤمنون والمؤمنات عن أهل الشرك لسلَّطنْا المسلمين على المشركين فعذّبوا الذين كفروا عذاب السيف. فإسناد التعذيب إلى الله تعالى لأنه يأمر به ويقدر النصر للمسلمين كما قال تعالى :( قاتلوهم يعذبْهم بأيديكم في سورة براءة.
و ( مِن ) في قوله : منهم ( للتبعيض، أي لعذبنا الذين كفروا من ذلك الجمع المتفرق المتميز مؤمنهم عن كافرهم، أي حين يصير الجمع مشركين خلّصا وحدهم.
وجملة ) لو تزيلوا ( إلى آخرها بيان لجملة ) ولولا رجال مؤمنون ( إلى آخرها، أي لولا وجود رجال مؤمنين الخ مندمجين في جماعة المشركين غير مفترقين لو افترقوا لعذبنا الكافرين منهم.
وعدل عن ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم في قوله :( لعذبنا الذين كفروا ( على طريقة الالتفات.


الصفحة التالية
Icon