" صفحة رقم ١٩٦ "
إضافتها : أن كلمة الشهادة أصل التقوى فإن أساس التقوى اجتناب عبادة الأصنام، ثم تتفرع على ذلك شعب التقوى كلها. ورويت أقوال أخرى في تفسير ) كلمة التقوى ( بمعنى كلام آخر من الكلم الطيب وهي تفاسير لا تلائم سياق الكلام ولا نظمه. ويجوز أن تحتمل ) كلمة ( على غير ظاهر معناها فتكون مقحمة وتكون إضافتها إلى التقوى إضافة بيانية، أي كلمة هي التقوى، ويكون المعنى : وألزمهم التقوى على حد إقحام لفظ اسم في قول لبيد :
إلى الحول ثم اسمُ السلام عليكما
ومنه قوله تعالى :( تبارك اسمُ ربك ( ( الرحمن : ٧٨ ) على أحد التفسيرين فيه. ويدخل في التقوى ابتداءً توحيدُ الله تعالى.
ويجوز أن يكون لفظ ) كلمة ( مطلقاً على حقيقة الشيء. وجُماع معناه كإطلاق الاسم في قول النابغة :
نبئت زرعة والسفاهة كاسمِها
يُهدي إلى غرائب الأشعار
ويؤيد هذا الوجه ما نقل عن مجاهد أنه قال : كلمة التقوى : الإخلاص. فجعل ( الكلمة ) معنى من التقوى. فالمعنى على هذين التوجهين الأخيرين : أنهم تخلقوا بالتقوى لا يفارقونها فاستعير الإلزام لدوام المقارنة. وهذان الوجهان لا يعارضان تفسير كلمة ( التقوى ) بكلمة ( الشهادة ) المروي عن رسول الله ( ﷺ ) إذ يكون ذلك تفسيراً بجزئي من التقوى هو أهمّ جزئياتها، أي تفسير مثال.
وعن الحسن : أن كلمة ) التقوى ( الوفاء بالعهد، فيكون الإلزام على هذا بمعنى الإيجاب، أي أمرهم بأن يفوا بما عاهدوا عليه للمشركين ولا ينقضوا عهدهم، فلذلك لم ينقض المسلمون العهد حتى كان المشركون هم الذين ابتدأوا بنقضه.
والواو في ) وكانوا أحق بها ( واو الحال، والجملة حال من الضمير المنصوب، أي ألزمهم تلك الكلمة في حال كانوا فيه أحق بها وأهلها ممن لم يلزموها وهم الذين لم يقبلوا التوحيد على نحو قوله تعالى :( وإن كانت لكبيرة إلاّ على الذين هدى الله ( ( البقرة : ١٤٣ ).


الصفحة التالية
Icon