" صفحة رقم ٢٠٢ "
واللام في ) ليظهره ( لتعليل فعل ) أرسل ( ومتعلقاته، أي أرسله بذلك ليظهر هذا الدين على جميع الأديان الإلهية السالفة ولذلك أكد ب ) كله ( لأنه في معنى الجمع. ومعنى ) يظهره ( يُعْلِيه. والإظهار : أصله مشتق من ظهر بمعنى بدا، فاستعمل كناية عن الارتفاع الحقيقي ثم أطلق مجازاً عن الشرف فصار أظهره بمعنى أعلاه، أي ليشرفه على الأديان كلها، وهذا كقوله في حق القرآن ) مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ( ( المائدة : ٤٨ ).
ولما كان المقصود من قوله :( هو الذي أرسل رسوله بالهدى الخ الشهادة بأن الرؤيا صدْق ذيّل الجملة بقوله : وكفى باللَّه شهيداً ( أي أجزأتكم شهادة الله بصدق الرؤيا إلى أن تروا مَا صْدَقَها في الإبان. وتقدم الكلام على نظير ) وكفى باللَّه شهيداً في آخر سورة النساء.
لما بيّن صدق الرسول ( ﷺ ) في رؤياه واطمأنت نفوس المؤمنين أعقب ذلك بتنويه شأن الرسول ( ﷺ ) والثناء على المؤمنين الذين معه.
و ) محمد ( خبر مبتدأ محذوف، تقديره : هو محمد يعود هذا الضمير المحذوف على قوله :( رسوله ( ( الفتح : ٢٨ ) في الآية قبلها. وهذا من حذف المسند الذي وصفه السكاكي بالحذف الذي الاستعمال وارد على ترك المسند إليه وترك نظائره. قال التفتازاني في ( المطول ) ( ومنه قولهم بعد أن يذكروا رجلاً : فتى من شأنه كذا وكذا، وهو أن يذكروا الديار أو المنازل ربع كذا وكذا ). ومن أمثلة ( المفتاح ) لذاك قوله :( فراجعهما ) أي العقل السليم والطبع المستقيم في مثل قوله :
سأشكر عمراً إن تراخَتْ منيتي
أياديَ لم تُمنن وإنْ هيَ جلّت


الصفحة التالية
Icon