" صفحة رقم ٢١٤ "
معاملته وخطابه وندائه، دعا إلى تعليمهم إياها ما ارتكبه وفد بني تميم من جفاء الأعراب لمّا نادوا الرسول ( ﷺ ) من بيوته كما سيأتي عند قوله تعالى :( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ( ( الحجرات : ٤ ). ووجوب صدق المسلمين فيما يخبرون به. والتثبت في نقل الخبر مطلقاً وأن ذلك من خلُق المؤمنين، ومجانبة أخلاق الكافرين والفاسقين، وتطرق إلى ما يحدث من التقاتل بين المسلمين، والإصلاح بينهم لأنهم إخوة، وما أمر الله به من آداب حسن المعاملة بين المسلمين في أحوالهم في السر والعلانية، وتخلص من ذلك إلى التحذير من بقايا خلق الكفر في بعض جفاة الأعراب تقويماً لأود نفوسهم.
وقال فخر الدين عند تفسير قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ( ( الحجرات : ٦ ) : هذه السورة فيها إرشاد المؤمنين إلى مكارم الأخلاق، وهي إما مع الله أو مع رسوله ( ﷺ ) أو مع غيرهما من أنباء الجنس، وهم على صنفين : إما أن يكونوا على طريقة المؤمنين وداخلين في رتبة الطاعة أو خارجين عنها وهو الفسوق، والداخل في طائفتهم : إما أن يكون حاضراً عندهم أو غائباً عنهم فهذه خمسة أقسام، قال : فذكر الله في هذه السورة خمس مرات ) يا أيها الذين آمنوا ( وأرشد بعد كل مرة إلى مكرمة من قسم من الأقسام الخمسة، وسنأتي على بقية كلامه عند تفسير الآية الأولى من هذه السورة.
وهذه السورة هي أول سور المفصّل بتشديد الصاد ويسمى المحكم على أحد أقوال في المذهب، وهو الذي ارتضاه المتأخرون من الفقهاء وفي مبدأ المفصّل عندنا أقوال عشرة أشهرها قولان قيل : إن مبدأه سورة ق وقيل سورة الحجرات، وفي مبدأ وسط المفصل قولان أصحهما أنه سورة عبس، وفي قصاره قولان أصحهما أنها من سورة والضحى.
واختلف الحنفية في مبدأ المفصل على أقوال اثني عشر، والمصحح أن أوله من


الصفحة التالية
Icon