" صفحة رقم ٢٢ "
السابقة ) قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين ( ( الأحقاف : ٧ ). وليست هي لام تعدية فعل القول إلى المخاطب بالقول نحو ) ألمْ أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً ( ( الكهف : ٧٢ ) المسمّاة لام التبليغ.
والضمير المستتر في ) كان ( عائد إلى ما عد إليه ضمير ) إن كان من عند الله ( ( الأحقاف : ١٠ ) وهو القرآن المفهوم من السياق أو ) ما يوحى إليّ ( ( الأحقاف : ٩ ). والسبق أطلق على تحصيل شيء قبل أن يحصله آخر، شبّه بأسرع الوصول بين المتجارين، والمراد : الأخذ بما جاء به القرآن من العقائد والأعمال. وضمير الغيبة في قوله :( سبقونا ( عائد إلى غير مذكور في الآية ولكنه مذكور في كلام الذين كفروا الذي حكته الآية أرادوا به المؤمنين الأولين من المستضعفين مثل بلال وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وسمية، وزنّيرة ( بزاي معجمة مكسورة ونون مكسورة مشددة مشبعة وراء مهملة ) أمة رومية كانت من السابقات إلى الإسلام وممن عذبهنّ المشركون ومن أعتقهن أبو بكر الصديق.
وعن عروة بن الزبير قال : عظماء قريش : لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتنا إليه زنّيرة، أي من جملة أقوالهم التي جمعها القرآن في ضمير سبقونا.
عطف على جملة ) وقال الذين كفروا للذين آمنوا ( الآية، أي فقد استوفوا بمزاعمهم وجوه الطعن في القرآن فقالوا :( سحر مبين ( ( الأحقاف : ٧ ) وقالوا ) افتراه ( ( الأحقاف : ٨ )، وقالوا ) لو كان خيراً ما سبقونا إليه (، وبقي أن يقولوا هو ) إفك قديم ).
وقد نبه الله على أن مزاعمهم كلها ناشئة عن كفرهم واستكبارهم بقوله :( قال الذين كفروا ( وقوله :( وكفرتم به ( ( الأحقاف : ١٠ ) وقوله :( واستكبرتم ( ( الأحقاف : ١٠ ) وقوله :( وإذ لم يهتدوا به ( الآية.
وإذ قد كانت مقالاتهم رامية إلى غرض واحد وهو تكذيب الرسول ( ﷺ ) كان توزيع أسبابها على مختلف المقالات مشعراً بأن جميعها أسباب لِجميعها.