" صفحة رقم ٢٢٠ "
و ) فوق صوت النبي ( ترشيح لاستعارة ) لا ترفعوا ( وهو فوْق مجازي أيضاً.
وموقع قوله :( فوق صوت النبي ( موقع الحال من ) أصواتكم (، أي متجاوزة صوت النبي ( ﷺ ) أي متجاوزة المعتاد في جهر الأصوات فإن النبي ( ﷺ ) يتكلم بجهر معتاد. ولا مفهوم لهذا الظرف لأنه خارج مخرج الغالب، إذ ليس المراد أنه إذا رفع النبي ( ﷺ ) صوته فارفعوا أصواتكم بمقدار رفعه.
والمعنى : لا ترفعوا أصواتكم في مجلسه وبحضرته إذا كلم بعضُكم بعضاً كما وقع في سُورة سبب النزول. ولقد تحصل من هذا النهي معنى الأمر بتخفيض الأصوات عند رسول الله ( ﷺ ) إذ ليس المراد أن يكونوا سكوتا عنده.
وفي ( صحيح البخاري ) : قال ابن الزبير فما كان عُمر يُسمع رسول الله ( ﷺ ) بعد هذه الآية حتى يستفهمه. ولم يذكر أي ابن الزبير ذلك عن أبيه يعني أبا بكر ولكن أخرج الحاكم وعبد بن حُميد عن أبي هريرة : أن أبا بكر قال بعد نزول هذه الآية ( والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلاّ كأخِي السِّرَار حتى ألقى الله ).
وفي ( صحيح البخاري ) قال ابن أبي مليكة ( كاد الخَيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رفعا أصْوَاتَهما عند النبي ( ﷺ ).
وهذا النهي مخصوص بغير المواضع التي يؤمر بالجهر فيها كالأذان وتكبير يوم العيد، وبغير ما أذِن فيه النبي ( ﷺ ) إذناً خاصاً كقوله للعباس حين انهزم المسلمون يوم حنين ( نَادِ يا أصحابَ السَّمُرة ) وكان العباس جهير الصوت.
وقوله :( ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ( نهي عن جهر آخر وهو الجهر بالصوت عند خطابهم الرسول ( ﷺ ) لوجوب التغاير بين مقتضَى قوله :( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( ومقتضَى ) ولا تجهروا له بالقول ).