" صفحة رقم ٢٢٤ "
( ٤، ٥ )
هذه الجملة بيان لجملة ) ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ( ( الحجرات : ٢ ) بياناً بالمثال وهو سبب النزول. فهذا شروع في الغرض والذي نشأ عنه ما أوجب نزول صدر السورة فافتتح به لأن التحذير والوعد اللذين جعلا لأجله صالحان لأن يكونا مقدمة للمقصود فحصل بذلك نسج بديع وإيجاز جليل وإن خالف ترتيب ذكره ترتيبَ حصوله في الخارج، وقد صادف هذا الترتيب المحز أيضاً إذ كان نداؤهم من وراء الحجرات من قبيل الجهر للرسول ( ﷺ ) بالقول كجهر بعضهم لبعض فكان النهي عن الجهر له بالقول تخلصاً لذكر ندائه من وراء الحجرات.
والمراد بالذين ينادون النبي ( ﷺ ) من وراء الحجرات جماعة من وفد بني تميم جاؤوا المدينة في سنة تسع وهي سنة الوفود وكانوا سبعين رجلاً أو أكثر. وكان سبب وفود هذا الوفد إلى النبي ( ﷺ ) أن بني العنبر منهم كانوا قد شهروا السلاح على خزاعة، وقيل كانوا منعوا إخوانهم بني كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم من إعطاء الزكاة، وكان بنو كعب قد أسلموامن قبلُ ولم أقف على وقت إسلامهم، والظاهر أنهم أسلموا في سنة الوفود فبعث رسول الله ( ﷺ ) بشر بن سفيان ساعياً لقبض صدقات بني كعب، فمنعهم بنو العنبر فبعث النبي ( ﷺ ) عُيينة بنَ حصن في خمسين من العرب ليس فيهم أنصاري ولا مهاجري فأسر منهم أحد عشر رجلاً وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبياً. فجاء في أثرهم جماعة من رؤسائهم لفدائهم فجاؤوا المدينة. وكان خطيبهم عطارد بن حاجب بن زراره، وفيهم سادتهم الزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، والأقْرع بن حابس، ومعهم عيينة بن حصن الفزاري الغَطفاني وكان هذان الأخيران أسلما من قبل وشهدا مع النبي ( ﷺ ) غزوة الفتح، ثم جاء معهم الوفد فلما دخل الوفد المسجد وكان وقت القائلة ورسول الله ( ﷺ ) نائم في