" صفحة رقم ٢٢٦ "
والمعنى : أن الحجرات حاجزة بينهم وبين النبي ( ﷺ ) فهم لا يرونه فعبر عن جهة من لا يرى بأنها وراء.
و ) من ( للابتداء، أي ينادونك نداء صادراً من وراء الحجرات فالمنادون بالنسبة إلى النبي ( ﷺ ) كانوا وراء حجراته فالذي يقول : ناداني فلان وراء الدار، لا يريد وراء مفتح الدار ولا وراء ظهرها ولكن أيَّ جهة منها وكان القوم المنادون في المسجد فهم تجاه الحجرات النبوية، ولو قال : ناداني فلان وراء الدار، دون حرف ) مِن (، لكان محتمِلاً لأن يكون المنادي والمنادَى كلاهما في جهة وراء الدار، وأنَّ المجرور ظرف مستقر في موضع الحال من الفاعل أو المفعول ولهذا أوثر جلب ) مِن ( ليدل بالصراحة على أن المنادَى كان داخل الحجرات لأن دلالة ) مِن ( على الابتداء تستلزم اختلافاً بين المبدإ والمنتهَى كذا أشار في ( الكشاف )، ولا شك أنه يعني أن اجتلاب حرف ) مِن ( لدفع اللبس فلا ينافي أنه لم يُثبت هذا الفرق في قوله تعالى :( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم في سورة الأعراف وقوله : ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض في سورة الروم. وفيما ذكرنا ما يدفع الاعتراضات على صاحب الكشاف ).
فلفظ ) وراء ( هنا مجاز في الجهة المحجوبة عن الرؤية.
والحُجُرات، بضمتين ويجوز فتح الجيم : جمع حُجْرة بضم الحاء وسكون الجيم وهي البقعة المحجورة، أي التي منعت من أن يستعملها غير حاجرها فهي فُعلة بمعنى مفعولة كغُرفة، وقُبضة. وفي الحديث : أيقظوا صواحب الحجر يعني أزواجه، وكانت الحجرات تفتح إلى المسجد. وقرأ الجمهور ) الحجرات ( بضمتين. وقرأه أبو جعفر بضم الحاء وفتح الجيم.
وكانت الحجرات تِسعاً وهي من جريد النخل، أي الحواجز التي بين كل واحدة والأخرى، وعلى أبوابها مُسوح من شعر أسود وعَرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت نحو سبعة أذرع، ومساحة البيت الداخل، أي الذي في داخل الحجرة عشرة أذرع، أي فتصير مساحة الحجرة مع البيت سبعة عشر