" صفحة رقم ٢٢٨ "
هذا نداء ثالث ابتدىء به غرض آخر وهو آداب جماعات المؤمنين بعضهم مع بعض وقد تضافرت الروايات عند المفسرين عن أم سلمة وابن عباس والحارث بن ضرارة الخزاعي أن هذه الآية نزلت عن سبب قضية حدثت. ذلك أن النبي ( ﷺ ) بعث الويد بن عقبة بن أبي مُعيط إلى بني المصطلق من خزاعة ليأتي بصدقاتهم فلمّا بلغهم مجيئه، أو لمّا استبطأُوا مجيئه، فإنهم خرجوا لتلقيه أو خرجوا ليبلغوا صدقاتهم بأنفسهم وعَليهم السلاح، وأن الوليد بلغه أنهم خرجوا إليه بتلك الحالة وهي حالة غير مألوفة في تلقي المصدقين وحدثته نفسه أنهم يريدون قتله، أو لما رآهم مقبلين كذلك على اختلاف الروايات خاف أن يكونوا أرادوا قتله إذ كانت بينه وبينهم شحناء من زمن الجاهلية فولّى راجعاً إلى المدينة.
هذا ما جاء في روايات أربع متفقة في صفة خروجهم إليه مع اختلافها في بيان الباعث لهم على ذلك الخروج وفي أن الوليد أُعلم بخروجهم إليه أو رآهم أو استشعرت نفسه خوفاً وأن الوليد جاء إلى النبي ( ﷺ ) فقال : إن بني المصطلق أرادوا قتلي وأنهم منعوا الزكاة فغضب رسول الله ( ﷺ ) وهمّ أن يبعث إليهم خالدَ بن الوليد لينظر في أمرهم، وفي رواية أنه بعث خالداً وأمره بأن لا يغزوهم حتى يستثبت أمرهم وأن خالداً لما بلغ ديار القوم بعث عيناً له ينظر حالهم فأخبره أنهم يقيمون الأذان والصلاة فأخبرهم بما بلغ رسولَ الله ( ﷺ ) عنهم وقبض زكاتهم وقفل راجعاً. وفي رواية أخرى أنهم ظنوا من رجوع الوليد أن يُظن بهم منع الصدقات فجاؤوا النبي ( ﷺ ) قبل أن يخرج خالد إليهم متبرئين من منع الزكاة ونية الفتك بالوليد بن عقبة. وفي رواية أنهم لما وصلوا إلى المدينة وجدوا الجيش خارجاً إلى غزوهم. فهذا تلخيص هذه الروايات وهي بأسانيد ليس منها شيء في ( الصحيح ).
وقد روي أن سبب نزول هذه الآية قضيتان أخريان، وهذا أشهر. ولنشتغل الآن ببيان وجه المناسبة لموقع هذه الآية عقب التي قبلها فإن