" صفحة رقم ٢٣٦ "
والعَنت : المشقة، أي لأصاب الساعين في أن يعمل النبي ( ﷺ ) بما يرغبون العنتُ. وهو الإثم إذا استغفلوا النبي ( ﷺ ) ولأصاب غيرهم العنت بمعنى المشقة وهي ما يلحقهم من جريان أمر النبي ( ﷺ ) على ما يلائم الواقع فيضر ببقية الناس وقد يعود بالضر على الكاذب المتشفي برغبته تارة فيلحق عنت من كذب غيره تارة أخرى.
الاستدراك المستفاد من ) لكنَّ ( ناشىء عن قوله :( لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ( لأنه اقتضى أن لبعضهم رغبة في أن يطيعهم الرسول ( ﷺ ) فيما يرغبون أن يفعله مما يبتغون مما يخالونه صالحاً بهم في أشياء كثيرة تعرِض لهم. والمعنى : ولكن الله لا يأمرُ رسوله إلا بما فيه صلاح العاقبة وإن لم يصادف رغباتكم العاجلة وذلك فيما شرعه الله من الأحكام، فالإيمان هنا مراد منه أحكام الإسلام وليس مراداً منه الإعتقاد، فإن اسم الإيمان واسم الإسلام يتواردان، أي حبب إليكم الإيمان الذي هو الدين الذي جاء به الرسول ( ﷺ ) وهذا تحريض على التسليم لما يأمر به الرسول ( ﷺ ) وهو في معنى قوله تعالى :( حتى يُحَكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ( ( النساء : ٦٥ )، ولذا فكونه حبّب إليهم الإيمان إدماج وإيجاز. والتقدير : ولكن الله شرع لكم الإسلام وحببه إليكم أي دعاكم إلى حبه والرضى به فامتثلتم.
وفي قوله :( وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ( تعريض بأن الذين لا يطيعون الرسول ( ﷺ ) فيهم بقية من الكفر والفسوق، قال تعالى :( وإذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون إلى قوله : هم الظالمون ( ( النور : ٤٨ ٥٠ ). والمقصود من هذا أن يتركوا ما ليس من أحكام الإيمان فهو من قبيل قوله