" صفحة رقم ٢٤٤ "
رسوله ( ﷺ ) من ذلك قوله تعالى :( يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان في سورة الحشر، وهي سابقة في النزول على هذه السورة فإنها معدودة الثانية والمائة، وسورة الحجرات معدودة الثامنة والمائة من السور. وآخى النبي بين المهاجرين والأنصار حين وروده المدينة وذلك مبدأ الإخاء بين المسلمين. وفي الحديث لو كنت متّخذاً خليلاً غيرَ ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام أفضل.
وفي باب تزويج الصغار من الكبار من صحيح البخاري ( ( أن النبي ( ﷺ ) خطب عائشة من أبي بكر. فقال له أبو بكر : إنما أنا أخوك فقال : أنتَ أخي في دين الله وكتابِه وهي لي حلال ). وفي حديث ( صحيح مسلم ) ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ). وفي الحديث ( لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه ) أي يحب للمسلم ما يحب لنفسه.
فأشارت جملة ) إنما المؤمنون إخوة ( إلى وجه وجوب الإصلاح بين الطائفتين المُتبَاغِيَتَيْن منهم ببيان أن الإيمان قد عَقَد بين أهله من النسب الموحَى ما لا ينقص عن نسب الأخوة الجسدية على نحو قول عمر بن الخطاب للمرأة التي شكت إليه حاجة أولادها وقالت : أنا بنت خُفاف بن أيْمَاء، وقد شهد أبي مع رسول الله الحديبية فقال عمر ( مرحبا بنسب قريب ). ولما كان المتعارف بين الناس أنه إذا نشبت مشاقّة بين الأخوين لزم بقية الإخوة أن يتناهضوا في إزاحتها مشياً بالصلح بينهما فكذلك شأن المسلمين إذا حدث شقاق بين طائفتين منهم أن ينهض سائرهم بالسعي بالصلح بينهما وبثِّ السفراء إلى أن يرقعوا ما وهى، ويرفعوا ما أصاب ودهَى.
وتفريع الأمر بالإصلاح بين الأخوين، على تحقيق كون المؤمنين إخوة تأكيد لما دلت عليه ) إنما ( من التعليل فصار الأمر بالإصلاح الواقع ابتداء دون تعليل في قوله :