" صفحة رقم ٢٧٦ "
وقد أجمع من يعتدّ به من القراء على النطق به ساكِنَ الآخِر سكون هجاء في الوصل والوقِف.
ووقع في رواية بعض القصاصين المكذوبة عن ابن عباس أن المراد بقوله :( ق ( اسم جبل عظيم محيط بالأرض. وفي رواية عنه إنه اسم لكل واحد من جبال سبعة محيطة بالأرضين السبع واحداً وراء واحد كما أن الأرضين السبع أرض وراء أرض. أي فهو اسم جنس انحصرت أفراده في سبعة، وأطالوا في وصف ذلك بما أملاه عليهم الخيال المشفوع بقلة التثبت فيما يروونه للإغراب، وذلك من الأوهام المخلوطة ببعض أقوال قدماء المشرقيين وبسوء فهم البعض في علم جغرافية الأرض وتخيلهم إياها رقاعاً مسطحة ذات تقاسيم يحيط بكل قسم منها ما يفصله عن القسم الآخر من بحار وجبال، وهذا مما ينبغي ترفع العلماء عن الاشتغال بذكره لولا أن كثيراً من المفسرين ذكروه.
ومن العجب أن تفرض هذه الأوهام في تفسير هذا الحرف من القرآن ) ألم ( ( البقرة : ١ )، يكفهم أنه مكتوب على صورة حروف التهجّي مثل ) آلم ( ( العنكبوت : ١ ) و ) المص ( ( الأعراف : ١ ) و ) كهيعص ( ( مريم : ١ ) ولو أريد الجبل الموهوم لكتب قاف ثلاثة حروف كما تكتب دَوَالُّ الأشياء مثل عين : اسم الجارحة، وغينش : مصدر غان عليه، فلا يصح أن يدل على هذه الأسماء بحروف التهجّي كما لا يخفى.
قَسَم بالقرآن، والقسم به كناية عن التنويه بشأنه لأن القسم لا يكون إلا بعظيم عند المقسِم فكان التعظيم من لوازم القسَم. وأتبع هذا التنويه الكنائي بتنويه صريح بوصف ) القرآن ( ب ) المجيد ( فالمجيد المتصف بقوة المجْد. والمجدُ ويقال المجادة : الشرف الكامل وكرم النوع.


الصفحة التالية
Icon