" صفحة رقم ٢٨٢ "
النوعية والمشخصات المشاهدة التي تتجدد بدون شعور مَن يشاهده فلذا كانت حقيقة الشخص هي الروح وهي التي تُكتسَى عند البعث جسد صاحبها في الدنيا، فإن الناس الذين يموتون قبل قيام الساعة بزمن قليل لا تَبلى في مثله أجسامهم تُرجَّع أرواحهم إلى أجسادهم الباقية دون تجديدِ خلقها، ولذلك فتسمية هذا الإيجاد معاداً أو رجْعاً أو بعثاً إنما هي تسمية باعتبار حال الأرواح، وبهذا الاعتبار أيضاً تشهد على الكفار ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون لأن الشاهد في الحقيقية هو ما به إدراك الأعمال من الروح المبثوثة في الأعضاء.
وأدلة الكتاب أكثرها ظاهر في تأييد هذا الرأي كقوله تعالى :( كما بدأنا أول خلق نعيده ( ( الأنبياء : ١٠٤ )، وفي معناه قوله تعالى :( كُلّما نضِجت جلودهم بدّلْنَاهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ( ( النساء : ٥٦ ).
وقال شذوذ : تُعاد الأجسام بجمع الأجزاء المتفرقة يجمعها الله العليم بها ويركبها كما كانت يوم الوفاة. وهذا بعيد لأن أجزاء الجسم الإنساني إذا تفرقت دخلت في أجزاء من أجسام أخرى من مختلف الموجودات ومنها أجسام أناس آخرين. وورد في الآثار ( أن كل ابن آدم يفنى إلاّ عجْب الذنب منه خُلق ومنهُ يركب ) رواه مسلم. وعلى هذا تكون نسبة الأجساد المعادة كنسبة النخلة من النواة. وهذا واسطة بين القول بأن الإعادة عن عدم والقول بأنها عن تفرق. ولا قائل من العقلاء بأن المعدوم يعاد بعينه وإنما المراد ما ذكرنا وما عداه مجازفة في التعبير.
وذكر الجلال الدواني في ( شرح العقيدة العضدية ) أن أبَيَّ بن خلف لما سمع ما في القرآن من الإعادة جاء إلى النبي ( ﷺ ) وبيده عظم قد رمَّ ففتته بيده وقال : يا محمد أتُرَى يحييني بعد أن أصير كهذا العظم ؟ فقال له النبي ( ﷺ ) ( نعم ويبعثك ويدخلك النار ). وفيه نزل قوله تعالى :( وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يُحْيي العظام وهي رميم ( ( يس : ٧٨ ).
وعُبر ب ) تنقص الأرض ( دون التعبير بالإعدام لأن للأجساد درجات من


الصفحة التالية
Icon