" صفحة رقم ٢٨٥ "
والمريج : المضطرب المختلط، أي لا قرار في أنفسهم في هذا التكذيب، اضطربت فيه أحوالهم كلها من أقوالهم في وصف القرآن فإنهم ابتدروا فنفوا عنه الصدق فلم يتبينوا بأي أنواع الكلام الباطل يلحقونه فقالوا :( سحر مبين ( ( المائدة : ١١٠ )، وقالوا ) أساطير الأولين ( ( الأنعام : ٢٥ ) وقالوا ) قول شاعر ( ( الحاقة : ٤١ )، وقالوا :( قول كاهن ( ( الحاقة : ٤٢ ) وقالوا :( هذيان مجنون ). وفي سلوكهم في طرق مقاومة دعوة النبي ( ﷺ ) وما يصفونه به إذا سألهم الواردون من قبائل العرب. ومن بهتهم في إعجاز القرآن ودلالة غيره من المعجزات وما دمغهم به من الحجج على إبطال الإشراك وإثبات الوحدانية لله. وهذا تحميق لهم بأنهم طاشت عقولهم فلم يتقنوا التكذيب ولم يرسوا على وصف الكلام الذي كذبوا به.
تفريع على قوله :( بل عجبوا أن جاءهم منذر ( ( ق : ٢ ) إلى قوله :( مريج ( ( ق : ٥ ) لأن أهمّ ما ذكر من تكذيبهم أنهم كذبوا بالبعث، وخلق السماوات والنجوم والأرض دالّ على أن إعادة الإنسان بعد العدم في حيّز الإمكان فتلك العوالم وجدت عن عدم وهذا أدلّ عليه قوله تعالى في سورة يس ) أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم.
والاستفهام يجوز أن يكون إنكارياً. والنظرُ نظرَ الفكر على نحو قوله تعالى : قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ( ( يونس : ١٠١ ). ومحل الإنكار هو الحال التي دل عليها ) كيفَ بنيناها (، أي ألم يتدبروا في شواهد الخليقة فتكون الآية في معنى أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق.
ويجوز أن يكون الاستفهام تقريرياً، والنظر المشاهدة، ومحل التقرير هو فعل ) ينظروا (، أو يكون ) كيف ( مراد به الحال المشاهدة.
هذا وأن التقرير على نفي الشيء المراد الإقرار بإثباته طريقة قرآنية ذكرناها غير


الصفحة التالية
Icon