" صفحة رقم ٢٨٨ "
لأنها تلوح للأنظار دون تكلف لم يؤت في لفت أنظارهم إلى دلالتها باستفهام إنكاريّ تنزيلاً لهم منزلة من نظر في أحوال الأرض فلم يكونوا بحاجة إلى إعادة الأخبار بأحوال الأرض تذكيراً لهم. وانتصب ) الأرض ( ب ) مددناها ( على طريقة الاشتغال.
والمدّ : البسط، أي بسطنا الأرض فلم تكن مجموعَ نُتُوءات إذ لو كانت كذلك لكان المشي عليها مُرهقاً.
والمراد : بسط سَطح الأرض وليس المراد وصف حجم الأرض لأن ذلك لا تدركه المشاهدة ولم ينظر فيه المخاطبون نظر التأمل فيستدل عليهم بما لا يعلمونه فلا يعتبر في سياق الاستدلال على القدرة على خلق الأمور العظيمة، ولا في سياق الامتنان بما في ذلك الدليل من نعمة فلا علاقة لهذه الآية بقضية كروية الأرض.
والإبقاء : تمثيل لتكوين أجسام بارزةٍ على الأرض متباعد بَعْضها عن بعض لأنّ حقيقة الإلقاء : رمي شيء من اليد إلى الأرض، وهذا استدلال بخلقة الجبال كقوله :( وإلى الجبال كيف نُصِبَت ( ( الغاشية : ١٩ ) و ) فيها ( ظرف مستقر وصف ل ) رواسي ( قدم على موصوفه فصار حالاً، ويجوز أن يكون ظرفاً لغواً متعلّقاً ب ) ألقينا ).
ورواسي : جمع راسسٍ على غير قياس مثل : فوارس وعواذل. والرسُوُّ : الثبات والقرار.
وفائدة هذا الوصف زيادة التنبيه إلى بديع خلق الله إذ جعل الجبال متداخلة مع الأرض ولم تكن موضوعة عليها وضعاً كما توضع الخيمة لأنها لو كانت كذلك لتزلزلت وسقطت وأهلكت ما حواليها. وقد قال في سورة الأنبياء ) وجعلنا في الأرض رواسيَ أن تميد بهم ( أي دَفْعَ أن تميد هي، أي الجبال بكم، أي ملصقة بكم في مَيْدها. وهنالك وجه آخر مضى في سورة الأنبياء.
والزوج : النوع من الحيوان والثمار والنبات، وتقدم في قوله تعالى :( فأخرجنا به أزواجاً من نبات شَتَّى في سورة طه.


الصفحة التالية
Icon