" صفحة رقم ٣٠٥ "
القرطبي في ( التذكرة ) عن ( مسند الطيالسي ) عن البراء. وعن كتاب ( النسائي ) عن أبي هريرة أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( إذا حُضر الميت المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء يقولون : اخرجي راضية مرضيا عنك إلى رَوْح وريحان وربّ راضضٍ غير غضبان، فإذا قبضه الملَك لم يدعوها في يده طرفة فتخرج كأطيب ريح المسك فتعرج بها الملائكة حتى يأتوا به باب السماء ). وساق الحديث إلا أن في الحديث ملائكة جمعاً وفي الآية ) المتلقيان ( تثنية.
وعلى هذا الوجه يكون مفعول ) يتلقى ( ما دل عليه قوله بعده ) وجاءت سكرة الموت ). والتقدير : إذ يتلقى المتلقّيان روح الإنسان. ويكون التعريف في قوله :( عن اليمين وعن الشمال ( عوضاً عن المضاف إليه أي عن يمينها وعن شمالها قعيد، وهو على التوزيع، أي عن يمين أحدهما وعن شمال الآخر. ويكون ) قعيد ( مستعملاً في معنى : قعيدان فإن فعيلا بمعنى فاعل قد يعامل معاملة فعيل بمعنى مفعول، كقول الأزرق بن طرفة :
رماني بأمر كنت منه ووالدي
بريئاً ومن أجل الطّويّ رماني
والاقتصار على ) ما يلفظ من قول ( حينئذٍ ظاهر لأن الإنسان في تلك الحالة لا تصدر منه أفعال لعجزه فلا يصدر منه في الغالب إلا أقوال من تضجّر أو أنين أو شهادة بالتوحيد، أو ضدها، ومن ذلك الوصايا والإقرارات.
عطف على جملة ) ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ( ( ق : ١٦ ) لاشتراكهما في التنبيه على الجزاء على الأعمال. فهذا تنقل في مراحل الأمور العارضة للإنسان التي تسلمه من حال إلى آخر حتى يقع في الجزاء على أعماله التي قد أحصاها الحفيظان.
وإنما خولف التعبير في المعطوف بصيغة الماضي دون صيغة المضارع التي صيغ بها المعطوف عليه لأنه لقربه صار بمنزلة ما حصل قصدا لإدخال الروع في نفوس


الصفحة التالية
Icon