" صفحة رقم ٣١٩ "
بمقربة منها كرامة لهم عن كلفة المسير إليها، وقد يكون عبارة عن تيسير وصولهم إليها بوسائل غير معروفة في عادة أهل الدنيا.
وقوله :( غير بعيد ( يرجح الاحتمال الأول، أي غير بعيد منهم وإلاّ صار تأكيداً لفظياً ل ) أُزلفت ( كما يقال : عاجل غير آجل، وقوله :( وأضل فرعون قومه وما هدى ( ( طه : ٧٩ ) والتأسيس أرجح من احتمال التأكيد.
وانتصب ) غير بعيد ( على الظرفية باعتبار أنه وصف لظرف مكان محذوف. والتقدير : مكاناً غير بعيد، أي عن المتقين. وهذا الظرف حال من ) الجنة ). وتجريد ) بعيد ( من علامة التأنيث : إما على اعتبار ) غير بعيد ( وصفاً لمكاننٍ، وإمّا جَريٌ على الاستعمال الغالب في وصف بَعيد وقريب إذا أريد البعد والقرب بالجهة دون النسب أن يُجرَّدَا من علامة التأنيث كما قاله الفرّاء أو لأن تأنيث اسم الجنة غير حقيقي كما قال الزجاج، وإما لأنه جاء على زنة المصدر مثل الزئير والصَّليل، كما قال الزمخشري، ومثله قوله تعالى :( إن رحمة الله قريب من المحسنين ( ( الأعراف : ٥٦ ).
وجملة ) هذا ما توعدون ( معترضة، فلك أن تجعلها وحدها معترضة وما بعدها متصلاً بما قبلها فتكون معترضة بين البدل والمبدل منه وهما ) للمتقين ( و ) لكل أواب (، وتجعل ) لكل أواب ( بدلاً من ) للمتقين (، وتكرير الحرف الذي جُرّ به المبدَل منه لقصد التأكيد كقوله تعالى :( قال الذين استكبروا للذين استضعفوا ( ( سبأ : ٣٢ ) لمن آمن منهم الآية وقوله :( ولأبَوَيْه لكلّ واحد منهما السدس ( ( النساء : ١١ ). واسم الإشارة المذكر مراعى فيه مجموع ما هو مشاهد عندهم من الخيرات.
والأوّاب : الكثير الأوب، أي الرجوع إلى الله، أي إلى امتثال أمره ونهيه.
والحفيظ : الكثير الحفظ لوصايا الله وحدوده. والمعنى : أنه محافظ على الطاعة فإذا صدرت منه فلتة أعقبها بالتوبة.
و ) من خشي الرحمن بالغيب ( بدل من ) كل أوّاب ).