" صفحة رقم ٣٢٨ "
على الوجوب إن كانا خاصاً بالنبي ( ﷺ ) كما سيأتي في سورة المزمل.
وقريب من هذه الآية قوله تعالى :( فاصبر لِحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبِّحهُ ليلاً طويلاً في سورة الإنسان ( ٢٤ ٢٦ ).
وقريب منها أيضاً قوله تعالى : واصبر لحكم ربك فإنك بأعييننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم في سورة الطور ( ٤٨، ٤٩ ).
وأما قوله : وإدبار السجود ( فيجوز أن يكون معطوفاً على قوله :( قبل طلوع الشمس (، ويجوز أن يكون معطوفاً على قوله :( ومن الليل فسبحه ).
والإدبار : بكسر الهمزة حقيقته : الانصراف لأن المنصرف يستدبر من كان معه، واستعير هنا للانقضاء، أي انقضاء السجود، والسجود : الصلاة، قال تعالى :( واسجد واقترب ). وانتصابه على النيابة عن الظرف لأن المراد : وقْت إدبار السجود. وقرأه نافع وابن كثير وأبو جعفر وحَمزة وخلف بكسر همزة ) إدبار ). وقرأه الباقون بفتح الهمزة على أنه جمع : دُبر، بمعنى العقب والآخِر، وعلى كلتا القراءتين هو وقت انتهاء السجود.
ففسر السجود بالحَمل على الجنس، أي بعد الصلوات قاله ابن زيد، فهو أمر بالرواتب التي بعد الصلوات. وهو عام خصصته السنة بأوقات النوافل، ومجمل بينت السنة مقاديره، وبينت أن الأمر فيه أمر ندب وترغيب لا أمر إيجاب. وعن المهدوي أنه كان فرضاً فنسخ بالفرائض. وحمل على العهد فقال جمع من الصحابة والتابعين هو صلاة المغرب، أي الركعتان بعدها. وعن ابن عباس أنه الوتر.
والفاء في قوله :( فسبحه ( للتفريع على قوله :( وسبح بحمد ربك ( على أن يكون الوقت على قوله :( ومن الليل ( تأكيداً للأمر لإفادة الوجوب فيجعل التفريع اعتراضاً بين الظروف المتعاطفة وهو كالتفريع الذي في قوله آنفاً ) فنقَّبوا في البلاد ( ( ق : ٣٦ ) وقوله تعالى :( ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار ( ( الأنفال : ١٤ ).