" صفحة رقم ٣٣٧ "
وعطف تلك الصفات بالفاء يقتضي تناسبها وتجانسها، فيجوز أن تكون صفات لجنس واحد وهو الغالب في عطف الصفات بالفاء، كقول ابن زيَّابة :
يا لهف زَيابَةَ للحارث الصَ
ابح فالغانم فالآيب
ويجوز أن تكون مختلفة الموصوفات إلا أن موصوفاتها متقاربة متجانسة كقول امرىء القيس :
بسِقط اللِوى بين الدَّخول فَحَوْمَل
فتوضح فالمقراة.......
وقول لبيد :
بمشارق الجبلين أو بمُحجر
فتَضَّمنتْها فَردة فرُخَامها
فصَوائق إن أيمنت..........
.......... البيت
ويكثر ذلك في عطف البقاع المتجاورة، وقد تقدم ذلك في سورة الصافات.
واختلف أيمة السلف في محمل هذه الأوصاف وموصوفاتها. وأشهر ما رُوي عنهم في ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد أن ) الذاريات ( الرياح لأنها تذرو التراب، و ) الحاملات وِقْراً ( : السحاب، و ) الجاريات ( : السفن، و ) المُقسِّمات أمراً ( الملائكة، وهو يقتضي اختلاف الأجناس المقسم بها.
وتأويله أن كل معطوففٍ عليه يُسبب ذكر المعطوف لالتقائهما في الجامع الخيالي، فالرياح تذكِّر بالسحاب، وحمل السحاب وِقْرَ الماء يذكر بحمل السفن، والكل يذكر بالملائكة. ومن المفسرين من جعل هذه الصفات الأربع وصفاً للرياح قاله في ( الكشاف ) ونقل بعضه عن الحسن واستحسنه الفخر، وهو الأنسب لعطف الصفات بالفاء.


الصفحة التالية
Icon