" صفحة رقم ٣٤٣ "
الحسن وقتادة : أنه عائد إلى القرآن أو إلى الدين، أي لأنهما مما جرى القول في شأنهما، وحرف ( عن ) للمجاوزة.
وعلى كل فالمراد بقوله ) من أفك ( المشركون المصروفون عن التصديق. والمراد بالذي فعل الأفك المجهول المشركون الصارفون لقومهم عن الإيمان، وهما الفريقان اللذان تضمنهما قوله تعالى :( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والْغَوْا فيه لعلكم تغلِبُون ( ( فصلت : ٢٦ ).
وإنما حذف فاعل ) يؤفك ( وأبهم مفعوله بالموصولية للاستيعاب مع الإيجاز.
وقد حمَّلهم الله بهاتين الجملتين تبعةَ أنفسهم وتبعة المغرورين بأقوالهم كما قال تعالى :( وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم ( ( العنكبوت : ١٣ ).
( ١٠، ١١ ) ) لله ).
دعاء بالهلاك على أصحاب ذلك القول المختلف لأن المقصود بقتلهم أن الله يهلكهم، ولذلك يكثر أن يقال : قاتله الله، ثم أجري مجرى اللعن والتحقير والتعجيب من سوء أحوال المدعو عليه بمثل هذا.
وجملة الدعاء لا تعطف لأنها شديدة الاتصال بما قبلها مما أوجب ذلك الوصف لدخولهم في هذا الدعاء، كما كان تعقيب الجمل التي قبلها بها إيماء إلى أن ما قبلها سبب للدعاء عليهم، وهذا من بديع الإيجاز.
والخرص : الظن الذي لا حجة لصاحبه على ظنه، فهو معرَّض للخطأ في ظنه، وذلك كناية عن الضلال عمداً أو تساهلاً، فالخرّاصون هم أصحاب القول المختلف، فأفاد أن قولهم المختلف ناشىء عن خواطر لا دليل عليها. وقد تقدم في الأنعام ) إن يتّبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون فالمراد هنا الخرص بالقول في ذات الله وصفاته.
واعلم أن الخرص في أصول الإعتقاد مذموم لأنها لا تبنى إلا على اليقين لخطر أمرها وهو أصل محل الذم في هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon